موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام المعرفة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 298 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

العلم الحاصل عن النظر الفكري لا يسلم أبدا من دخول الشبه عليه والحيرة فيه والقدح في الأمر الموصل إليه‏

[لا يصح العلم لأحد إلا لمن عرف الأشياء بذاته‏]

واعلم أنه لا يصح العلم لأحد إلا لمن عرف الأشياء بذاته وكل من عرف شيئا بأمر زائد على ذاته فهو مقلد لذلك الزائد فيما أعطاه وما في الوجود من علم الأشياء بذاته إلا واحد وكل ما سوى ذلك الواحد فعلمه بالأشياء وغير الأشياء تقليد وإذا ثبت أنه لا يصح فيما سوى الله العلم بشي‏ء إلا عن تقليد فلنقلد الله ولا سيما في العلم به وإنما قلنا لا يصح العلم بأمر ما فيما سوى الله إلا بالتقليد فإن الإنسان لا يعلم شيئا إلا بقوة ما من قواه التي أعطاه الله وهي الحواس والعقل فالإنسان لا بد أن يقلد حسه فيما يعطيه وقد يغلط وقد يوافق الأمر على ما هو عليه في نفسه أو يقلد عقله فيما يعطيه من ضرورة أو نظر والعقل يقلد الفكر ومنه صحيح وفاسد فيكون علمه بالأمور بالاتفاق فما ثم إلا تقليد وإذا كان الأمر على ما قلناه فينبغي للعاقل إذا أراد أن يعرف الله فليقلده فيما أخبر به عن نفسه في كتبه وعلى ألسنة رسله وإذا أراد أن يعرف الأشياء فلا يعرفها بما تعطيه قواه وليسع بكثرة الطاعات حتى يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه فيعرف الأمور كلها بالله ويعرف الله بالله إذ ولا بد من التقليد وإذا عرفت الله بالله والأمور كلها بالله لم يدخل عليك في ذلك جهل ولا شبهة ولا شك ولا ريب فقد نبهتك على أمر ما طرق سمعك فإن العقلاء من أهل النظر يتخيلون أنهم علماء بما أعطاهم النظر والحس والعقل وهم في مقام التقليد لهم وما من قوة إلا ولها غلط قد علموه ومع هذا غالطوا أنفسهم وفرقوا بين ما يغلط فيه الحس والعقل والفكر وبين ما لا يغلط فيه وما يدريهم لعل الذي جعلوه غلطا يكون صحيحا ولا مزيل لهذا الداء العضال إلا من يكون علمه بكل معلوم بالله لا بغيره وهو سبحانه عالم بذاته لا بأمر زائد فلا بد أن تكون أنت عالما بما يعلمه به سبحانه لأنك قلدت من يعلم ولا يجهل ولا يقلد في علمه وكل من يقلد سوى الله فإنه قلد من يدخله الغلط وتكون إصابته بالاتفاق فإن قيل لنا ومن أين علمت هذا وربما دخل لك الغلط وما تشعر به في هذه التقسيمات وأنت فيها مقلد لمن يغلط وهو العقل والفكر قلنا صدقت ولكن لما لم نر إلا التقليد ترجح عندنا أن نقلد هذا المسمى برسول والمسمى بأنه كلام الله وعلمنا عليه تقليدا حتى كان الحق سمعنا وبصرنا فعلمنا الأشياء بالله وعرفنا هذه التقاسيم بالله فكان إصابتنا في تقليد هذا بالاتفاق لأنا قلنا مهما أصاب العقل أو شي‏ء من القوي أمرا ما على ما هو عليه في نفسه إنما يكون بالاتفاق فما قلنا إنه يخطئ في كل حال وإنما قلنا لا نعلم خطأه من إصابته فلما كان الحق جميع قواه وعلم الأمور بالله عند ذلك علم الإصابة في القوي من الغلط وهذا الذي ذهبنا إليه ما يقدر أحد على إنكاره فإنه يجده من نفسه فإذا تقرر هذا فاشتغل بامتثال ما أمرك الله به من العمل بطاعته ومراقبة قلبك فيما يخطر فيه والحياء من الله والوقوف عند حدوده والانفراد به وإيثار جنابه حتى يكون الحق جميع قواك فتكون على بصيرة من أمرك وقد نصحتك إذ قد رأينا الحق أخبر عن نفسه بأمور تردها الأدلة العقلية والأفكار الصحيحة مع إقامة أدلتها على تصديق المخبر ولزوم الايمان بها فقلد ربك إذ ولا بد من التقليد ولا تقلد عقلك في تأويله فإن عقلك قد أجمع معك على التقليد بصحة هذا القول أنه عن الله فما لك منازع منك يقدح فيما عندك فلا تقلد عقلك في التأويل واصرف علمه إلى الله قائله ثم اعمل حتى تنزل في العلم به كهو فحينئذ تكون عارفا وتلك المعرفة المطلوبة والعلم الصحيح الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْهِ ولا من خَلْفِهِ وبعد أن تقرر هذا فلنرجع إلى الطريقة المعهودة في هذا الباب التي بأيدي الناس من أهله فإن هذه الطريقة التي نبهناك عليها طريقة غريبة فنقول إن المحاسبي ذكر أن المعرفة هي العلم بأربعة أشياء الله والنفس والدنيا والشيطان والذي قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن‏

المعرفة بالله ما لها طريق إلا المعرفة بالنفس‏

فقال من عرف نفسه عرف ربه‏

وقال أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه‏

فجعلك دليلا أي جعل معرفتك بك دليلا على معرفتك به فأما بطريقة ما وصفك بما وصف به نفسه من ذات وصفات وجعله إياك خليفة نائبا عنه في أرضه وإما بما أنت عليه من الافتقار إليه في وجودك وأما الأمران معا لا بد من ذلك ورأينا الله يقول في العلم بالله المعبر عنه بالمعرفة سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فأحالنا الحق على الآفاق وهو ما خرج عنا وعلى أنفسنا وهو ما نحن عليه وبه فإذا وقفنا على الأمرين معا حينئذ عرفناه وتبين لنا أنه الحق فدلالة الله أتم وذلك إنا إذا نظرنا في نفوسنا ابتداء لم نعلم هل يعطي النظر فيما خرج عنا من العالم وهو


مخطوطة قونية
4521
4522
4523
4524
4525
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 298 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!