اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[لا يصح العلم لأحد إلا لمن عرف الأشياء بذاته]
واعلم أنه لا يصح العلم لأحد إلا لمن عرف الأشياء بذاته وكل من عرف شيئا بأمر زائد على ذاته فهو مقلد لذلك الزائد فيما أعطاه وما في الوجود من علم الأشياء بذاته إلا واحد وكل ما سوى ذلك الواحد فعلمه بالأشياء وغير الأشياء تقليد وإذا ثبت أنه لا يصح فيما سوى الله العلم بشيء إلا عن تقليد فلنقلد الله ولا سيما في العلم به وإنما قلنا لا يصح العلم بأمر ما فيما سوى الله إلا بالتقليد فإن الإنسان لا يعلم شيئا إلا بقوة ما من قواه التي أعطاه الله وهي الحواس والعقل فالإنسان لا بد أن يقلد حسه فيما يعطيه وقد يغلط وقد يوافق الأمر على ما هو عليه في نفسه أو يقلد عقله فيما يعطيه من ضرورة أو نظر والعقل يقلد الفكر ومنه صحيح وفاسد فيكون علمه بالأمور بالاتفاق فما ثم إلا تقليد وإذا كان الأمر على ما قلناه فينبغي للعاقل إذا أراد أن يعرف الله فليقلده فيما أخبر به عن نفسه في كتبه وعلى ألسنة رسله وإذا أراد أن يعرف الأشياء فلا يعرفها بما تعطيه قواه وليسع بكثرة الطاعات حتى يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه فيعرف الأمور كلها بالله ويعرف الله بالله إذ ولا بد من التقليد وإذا عرفت الله بالله والأمور كلها بالله لم يدخل عليك