موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي

[نسخة أخرى فيها التعليقات فقط]
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


جاءوا به في الخبر عن الجناب الإلهي، فأثبتوا ما أثبته العقل وزادوا «1» ما لا يستقل العقل بإدراكه، وما يُحِيلُه‏ «2» العقل رأساً ويُقِرُّ به في التجلي‏ «3». فإذا خلا بعد التجلي بنفسه حَارَ فيما رآه: فإن كان عبد رب رد العقل إليه، وإن كان عبد نظر رد الحق إلى حكمه‏ «4». وهذا لا يكون إلا ما دام في هذه النشأة الدنيوية «5» محجوباً عن نشأته الأخروية في الدنيا. فإن العارفين يظهرون هنا «6» كأنهم في الصورة الدنيا لما يجري عليهم من أحكامها، والله تعالى قد حوَّلهم في بواطنهم في النشأة الأخروية، لا بد من ذلك. فهم بالصورة مجهولون إلا لمن كشف الله عن بصيرته فأدرك. فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا وهو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه ونشر في قبره «14»، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك. فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبياً قبل نوح ثم رفع ونزل رسولًا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، ويكون حيواناً مطلقاً حتى يَكْشِفَ ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته. وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره ومن ينعم، ويرى الميت حياً والصامت متكلماً والقاعد ماشياً. والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته. وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته. ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققاً كلياً، فكنت أرى وأريد النطق‏
(1) ب: فيم

(2) «ا» و«ن»: تخيله‏

(3) ب: التجلي الإلهي‏

(4) الهاء في إليه عائدة على الرب، وفي حكمه عائدة على العقل‏

(5) ب: الدني

(6) ب: حسياً.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!