المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف
لأبي بكر الكلاباذي رحمه الله
53. الباب الثالث والخمْسُون: قولهم في الوَجْد
ومعنى "الوجد": هو ما صادف القلب من فزع، أو غم، أو رؤية معنى من أحوال الآخرة، أو كشف حالة بين العبد والله عز وجل .
قالوا: وهو سمع القلوب وبصرها؛ قال الله تعالى: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}، وقال: {أو ألقى السمع وهو شهيد}، فمن ضعف وجده تواجد.
والتواجد: ظهور ما يجد في باطنه على ظاهره، ومن قوى تمكن فسكن؛ قال الله تعالى: {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}.
قال النوري: الوجد لهيب ينشأ في الأسرار، ويسنح عن الشوق، فتضطرب الجوارح: طربا أو حزنا عند ذلك الوارد.
وقالوا: الوجد مقرون بالزوال، والمعرفة ثابتة بالله تعالى لا تزول.
أنشدونا للجنيد: >
الوجد يطرب من في الوجد راحته *** والوجد عند حضور الحق مفقود
قد كان يطربني وَجدِي فاشغلني *** عن رؤية الوجد ما في الوجد موجود
وأنشدونا لبعض الكبار:
أبدى الحجاب فذل في سلطانه *** عز الرسوم وكل معنى يحضر
هيهات يدرك بالوجود وإنما *** لهب التواجد رمز عجز يقهر
لا الوجد يدرك غير رسم داثر *** والوجد يدثر حين يبدو المنظر
قد كنت أطرب للوجود مروعا *** طور يغيبني وطورا أحضر
أفنى الوجود بشاهد مشهوده *** أفنى الوجود وكل معنى يذكر
وقال بعضهم: "الوجد بشارات الحق بالترقي إلى مقامات مشاهداته".
وأنشدونا لبعضهم: >
من جاد بالوجد أحرى أن يجود بما *** يفنى الوجود من الأفضال والمنن
أيقنت حين بدا بالوجد يبعثني *** إن الجواد به يوفي على الحسن
وللشبلي:
الوَجد عندي جحود *** ما لم يكن عن شهود
وشاهد الحق عندي *** يفني شُهود الوجود