موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف

لأبي بكر الكلاباذي رحمه الله

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


13. الباب الثالث عَشَر: قوْلهم في القَدَرِ وَخَلْقِ أفْعالِ العِبَاد

أجمعوا: أن الله تعالى خالق لأفعال العباد كلها كما أنه خالق لأعيانهم، وأن كل ما يفعلونه من خير وشر: فبقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته؛ ولولا ذلك لم يكونوا عبيدا ولا مربوبين ولا مخلوقين، وقال عز وجل : {قل الله خالق كل شيء}، وقال: {إنا كل شيء خلقناه بقدر * وكل شيء فعلوه في الزبر}: فلما كانت أفعاهم أشياء وجب أن يكون الله خالقها.

ولو كانت الأفعال غير مخلوقة لكان الله عز وجل خالق بعض الأشياء دون جميعها! ولكان قوله {خالق كل شيء}: كذبا! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

ومعلوم أن الأفعال أكثر من الأعيان، فلو كان الله تعالى خالق الأعيان، والعباد خالقي الأفعال، لكان الخلق أولى بصفة المدح في الخلق من الله تعالى، ولكان خلق العباد أكثر من خلق الله، ولو كانوا كذلك لكانوا أتم قدرة من الله تعالى، وأكثر خلقا منه!

وقد قال الله تعالى: {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم * قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار}، فنفى أن يكون خالقا غيره.

وقال الله تعالى: {وقَدَّرْنَا فيها السَّيْرَ}، فأخبر أنه قدر سير العباد.

وقال: {والله خلقكم وما تعملون}، وقال: {من شر ما خلق}، فدل أن مما خلق شرا.

وقال: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا}، أي: خلقنا الغفلة فيه.

وقال: {وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق}، فأخبر أن قولهم وسرهم وجهرهم خلق له}.

وقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله، أرأيت ما نعمل فيه، أعلى أمر قد فرغ منه أو أمر مبتدأ؟ فقال: {على أمر قد فرغ منه}، فقال عمر: أفلا نتكل وندع العمل؟ فقال: {اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له}.

وسئل النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، هل يرد من قدر الله؟ قال: {إنه من قدر الله}.

وقال: {والله لا يؤمن أحد حتى يؤمن بالله، وبالقدر خيره وشره من الله}.

ولما جاز أن يخلق الله تعالى العين الذي هو شر، جاز أن يخلق الفعل الذي هو شر.

ومجمع: على أن حركة المرتعش خلق الله، فكذلك حركة غيره، غير أن الله تعالى خلق لهذا حركة واختيارا، وخلق للآخر حركة ولم يخلق له اختيارا.

قال أبو بكر الواسطي في قوله تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار}، قال: من ادعى شيئا من ملكه (وهو ما سكن في الليل والنهار، من خطرة وحركة) أنها له، أو به، أو إليه، أو منه، فقد جاذب القبضة، وأوهن العزة.

وفي قوله: {ألا له الخلق والأمر}: خلق إيجاد وأمر إطلاق، ما لم يأمر الجوارح أمر إطلاق لم توافقه في شيء، كذلك المخالفة. >



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!