موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف

لأبي بكر الكلاباذي رحمه الله

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


14. الباب الرَّابع عَشَر: قولهم في الاستِطْاعةِ

أجمعوا: أنهم لا يتنفسون نفسا، ولا يطرفون طرفة، ولا يتحركون حركة إلا بقوة يحدثها الله تعالى فيهم، واستطاعة يخلقها الله لهم مع أفعالهم، لا يتقدمها ولا يتأخر عنها ولا يوجد الفعل إلا بها، ولولا ذلك لكانوا بصفة الله تعالى (يفعلون ما شاءوا، ويحكمون ما أرادوا)، ولم يكن الله القوى القدير بقوله {ويفعل الله ما يشاء} أولى من عبد حقير ضعيف فقير.

ولو كانت " الاستطاعة " هي الأعضاء السليمة، لاستوى في الفعل كل ذي أعضاء سليمة، فلما رأينا ذوي أعضاء سليمة ولم نر أفعالهم، ثبت أن الاستطاعة: ما يرد من القوة على الأعضاء السليمة، وتلك القوة متفاضلة في الزيادة والنقصان ووقت دون وقت، وهذا يشاهده كل من نفسه.

ثم لما كانت القوة عرضا، والعرض لا يبقى بنفسه، ولا بقاء فيه؛ لأن ما لا يقوم بنفسه ولا يقوم به غيره لا يبقى ببقاء في غيره، لأن بقاء غيره ليس ببقاء له، بطل أن يكون له بقاء، وإذا كان كذلك وجب أن تكون " قوة كل فعل " غير " قوة غيره "؛ ولولا ذلك لم تكن للخلق حاجة إلى الله تعالى عند أفعالهم، ولا كانوا فقراء إليه، ولكان قوله تعالى {وإياك نستعين} لا معنى له.

ولو كانت " القوة " قبل " الفعل "، وهي لا تبقى لوقت الفعل، لكان الفعل بقوة معدومة، ولو كانت كذلك لكان وجود الفعل من غير قوة! وفي ذلك إبطال الربوبية والعبودية جميعا؛ لأنه لو كان كذلك: لكان يجوز وقوع فعل من غير قوى، ولو جاز ذلك لجاز أن يكون وجودها بأنفسها من غير فاعل، وقد قال الله تعالى في قصة موسى والعبد الصالح: {إنك لن تستطيع معي صبرا}، وقوله: {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} يريد لا تقوى عليه.

وأجمعوا: أن لهم " أفعالا واكتسابا " على الحقيقة، هم بها مثابون، وعليها معاقبون؛ ولذلك جاء الأمر والنهي، وعليه ورد الوعد والوعيد.

ومعنى الاكتساب: أن يفعل بقوة محدثة.

وقال بعضهم: معنى الاكتساب: أن يفعل لجر منفعة أو دفع مضرة؛ لقوله تعالى: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}.

وأجمعوا أنهم مختارون لاكتسابهم، مريدون له، وليسوا بمحمولين عليه، ولا مجبرين فيه، ولا مستكرهين له.

ومعنى قولنا " مختارون ": أن الله تعالى خلق لنا اختيارا، فانتفى الإكراه فيها، وليس ذلك على التفويض.

قال الحسن بن علي رضي الله عنهم : "إن الله تعالى لا يطاع بإكراه، ولا يعصى بغلبة، ولم يهمل العباد من المملكة ".

وقال سهل بن عبد الله: "إن الله تعالى لم يُقَوّ الأبرار بالجبر، إنما قواهم باليقين ".

وقال بعض الكبراء: "من لم يؤمن بالقدر فقد كفر، ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر". >



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!