موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف

لأبي بكر الكلاباذي رحمه الله

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


11. الباب الحادي عَشَر: قوْلهُم في الرُّؤيَة

أجمعوا: على أن الله تعالى يرى بالأبصار في الآخرة، وأنه يراه المؤمنون دون الكافرين؛ لأن ذلك كرامة من الله تعالى، لقوله: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}.

وجوزوا الرؤية بالعقل، وأوجبوها بالسمع؛ وإنما جاز في العقل: لأنه موجود، وكل موجود فجائز رؤيته إذا وضَعَ الله تعالى فينا الرّؤيَةَ له.

ولو لم تكن الرؤية جائزة عليه لكان سؤال موسى عليه السلام : {أرني أنظر إليك}: جهلا وكفرا!

ولمَّا علق الله تعالى الرؤية بشريطة استقرار الجبل بقوله: {فإن استقر مكانه فسوف تراني}، وكان ممكنا في العقل استقراره لو أقره الله، وَجَبَ أن تكون الرؤية المعلقة به جائزة في العقل، ممكنة.

فإذا ثبت جوازه في العقل، ثم جاء السمع بوجوبه بقوله: {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}، وقوله: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}، وقوله: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} وجاءت الرواية بأنها الرؤية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته يوم القيامة}، والأخبار في هذا مشهورة متواترة، وجَبَ القول به، والإيمان والتصديق له.

وما تأولت النافية لها: فمستحيل، كقولهم في {إلى ربها ناظرة}: أي إلى ثواب ربها ناظرة؛ لأن ثواب الله غير الله. وقولهم في {أرني أنظر إليك}: سؤال آية؛ فإنه قد أراه آياته. وقوله {لا تدركه الأبصار}: أنه كما لا تدركه الأبصار في الدنيا، كذلك في الآخرة؛ وإنما نفى الله تعالى الإدراك بالأبصار: لأن الإدراك يوجب كيفية وإحاطة، فنفى ما يوجب الكيفية والإحاطة دون الرؤية التي ليست فيها كيفية وإحاطة.

وأجمعوا: أنه لا يرى في الدنيا بالأبصار ولا بالقلوب إلا من جهة الإيقان؛ لأنه غاية الكرامة، وأفضل النعم، ولا يجوز أن يكون ذلك إلا في أفضل المكان، ولو أعطوا في الدنيا أفضل النعم لم يكن بين الدنيا الفانية والجنة الباقية فرق، ولما منع الله سبحانه كليمه موسى عليه السلام ذلك في الدنيا وكان من هو دونه أحرى. وأخرى: أن الدنيا دار فناء، ولا يجوز أن يرى الباقي في الدار الفانية، ولو رأوه في الدنيا لكان الإيمان به ضرورة. والجملة: أن الله تعالى أخبر أنها تكون في الآخرة، ولم يخبر أنها تكون في الدنيا، فوجب الانتهاء إلى ما أخبر الله تعالى به. >



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!