موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف

لأبي بكر الكلاباذي رحمه الله

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


10. الباب العاشر: واختَلَفوا في الكَلام ما هو؟

فقال الأكثرون منهم: كلام الله: صفة الله لذاته لم يزل، وإنه لا يشبه كلام المخلوقين بوجه من الوجوه، وليست له مائية؛ كما أن ذاته ليست لها مائية إلا من جهة الإثبات ".

وقال بعضهم: كلام الله: أمر ونهي، وخبر، ووعد ووعيد، وقصص وأمثال، والله تعالى لم يزل آمرا ناهيا مخبرا واعدا موعدا حامدا ذاما: إذا خُلِقْتُم وبلغت عقولكم فافعلوا كذا، وانتم مذمومون على معاصيكم مثابون على طاعتكم إذا خُلِقْتُم، كما أنا مأمورون مخاطبون بما نزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ولم نخلق بعد ولم نكن موجودين ".

وأجمع الجمهور منهم على أن " كلام الله تعالى ": ليس بحروف ولا صوت ولا هجاء، بل الحروف والصوت والهجاء دلالات على الكلام.

وأنها لذوي الآلات والجوارح (التي هي: اللهوات، والشفاه، والألسنة)، والله تعالى ليس بذي جارحة، ولا محتاج إلى آلة، فليس كلامه بحروف ولا صوت.

وقال بعض كبرائهم في الكلام له: من تكلم بالحروف فهو معلول، ومن كان كلامه باعتقاب فهو مضطر ".

وقالت طائفة منهم: كلام الله حروف وصوت "! وزعموا: أنه لا يعرف كلامه إلا كذلك، مع إقرارهم أنه صفة الله تعالى في ذاته غير مخلوق! وهذا قول حارث المحاسبي، ومن المتأخرين ابن سالم.

والأصل في هذا: أنه لما ثبت أن الله تعالى قديم، وأنه غير مشبه للخلق من جميع الوجوه، كذلك صفاته لا تشبه صفات المخلوقين، فلا يكون كلامه حروفا وصوتا ككلام المخلوقين.

ولما أثبت الله لنفسه كلاما بقوله: {وكلم الله موسى تكليما}، وقوله: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}، وقال: {حتى يسمع كلام الله}، وجب أن يكون موصوفا به لم يزل؛ لأنه لو لم يكن موصوفا به فيما لم يزل، لكان كلامه كلام المحدثين، ولكان في الأزل موصوفا بضده من سكون أو آفة.

ولما ثبت أنه غير متغير، وأن ذاته ليست بمحل للحوادث، وجب أن لا يكون ساكتا ثم صار متكلما، فإذا ثبت كلامه وثبت أنه ليس بمحدث وجب الإقرار به.

ولما لم يثبت أنه حروف وصوت، وجب الإمساك عنه.

ثم "القرآن" ينصرف في اللغة على وجوه، منها: مصدر القراءة، كما قال الله تعالى: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، أي: قراءته.

والحروف المعجمة في المصاحف: تسمى قرآنا؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : {لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو}.

ويسمى كلام الله: قرآنا.

فكل قرآن سوى كلام الله: فمحدث مخلوق، والقرآن الذي هو كلام الله: فغير محدث ولا مخلوق.

والقرآن إذا أرسل وأطلق: لم يفهم منه غير كلام الله تعالى، فهو إذا غير مخلوق.

والوقف فيه لأحد أمرين: إما أن يقف فيه وهو يصفه بصفة المحدث والمخلوق، فهو عنده مخلوق، ووقوفه تقية.

أو يقف وهو منطو على أنه صفة لله في ذاته، فلا معنى لوقوفه عن عبارة الخلق والنطق به، اللهم إلا أن ينطوي على أنه صفة لله، وصفات الله غير مخلوقة، ولم يمتحن بناف يجب عليه إثباته فيقول: القرآن كلام الله " ويسكت؛ إذ لم يأت ب" غير مخلوق " رواية، ولا تليت به آية، فهو عند ذلك مصيب. >



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!