«ثم إن علينا حسابهم» جزاءهم لا نتركه أبدا.
فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)
أي إنما أنت مبلغ عن اللّه لا غير ، كما قال له (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وقوله (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) وقوله «إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ» والمذكر لا يكون إلا لمن كان على حالة منسية ، ولو لم يكن كذلك لكان معلما لا مذكرا ، فدل أنه لا يذكرهم إلا بحال إقرارهم بربوبيته تعالى عليهم حين قبض الذرية من ظهر آدم في الميثاق الأول .
------------
(21) الفتوحات ج 2 /
388
( ثم إن علينا حسابهم ) أي : نحن نحاسبهم على أعمالهم ونجازيهم بها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
آخر تفسير سورة " الغاشية " ولله الحمد والمنة .
قوله تعالى {فذكر} أي فعظهم يا محمد وخوفهم. {إنما أنت مذكر} أي واعظ. {لست عليهم بمصيطر} أي بمسلط عليهم فتقتلهم. ثم نسختها آية السيف. وقرأ هارون الأعور {بمسيطَر} بفتح الطاء، و{المسيطَرون}[
الطور : 37]. وهي لغة تميم. وفي الصحاح المسيطر والمصيطر : المسلِّط على الشيء، ليشرف عليه، ويتعهد أحواله، ويكتب عمله، وأصله من السطر، لأن من معنى السطر ألا يتجاوز، فالكتاب مسطر، والذي يفعله مسطر ومسيطر؛ يقال : سيطرت علينا، وقال تعالى {لست عليهم بمسيطر}. وسطره أي صرعه. {إلا من تولى وكفر} استثناء منقطع، أي لكن من تولى عن الوعظ والتذكير. {فيعذبه الله العذاب الأكبر} وهي جهنم الدائم عذابها. وإنما قال {الأكبر} لأنهم عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والأسر والقتل. ودليل هذا التأويل قراءة ابن مسعود {إلا من تولى وكفر فإنه يعذبه اللّه}. وقيل : هو استثناء متصل. والمعنى : لست بمسلط إلا على من تولى وكفر، فأنت مسلط عليه بالجهاد، واللّه يعذبه بعد ذلك العذاب الأكبر، فلا نسخ في الآية على هذا التقدير. وروي أن عليا أتى برجل ارتد، فاستتابه ثلاثة أيام، فلم يعاود الإسلام، فضرب عنقه، وقرأ {إلا من تولى وكفر}. وقرأ ابن عباس وقتادة {ألا} على الاستفتاح والتنبيه، كقول امرئ القيس : ألا رب يوم لك منهن صالح و {من} على هذا : للشرط. والجواب {فيعذبه اللّه} والمبتدأ بعد الفاء مضمر، والتقدير : فهو يعذبه اللّه، لأنه لو ارتد الجواب بالفعل الذي بعد الفاء لكان : إلا من تولى وكفر يعذبه اللّه. {إن إلينا إيابهم} أي رجوعهم بعد الموت. يقال : آب يؤوب؛ أي رجع. قال عبيد : وكل ذي غيبة يؤوب ** وغائب الموت لا يؤوب وقرأ أبو جعفر {إيابهم} بالتشديد. قال أبو حاتم : لا يجوز التشديد، ولو جاز لجاز مثله في الصيام والقيام. وقيل : هما لغتان بمعنى. الزمخشري : وقرأ أبو جعفر المدني {إيابهم} بالتشديد؛ ووجهه أن يكون فيعالا : مصدر أيب، قيل من الإياب. أو أن يكون أصله إوابا فعالا من أوب، ثم قيل : إيوابا كديوان في دوان. ثم فعل ما فعل بأصل سيد ونحوه.
إنَّ إلينا مرجعهم بعد الموت، ثم إن علينا جزاءهم على ما عملوا.
{ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } فنحاسبهم على ما عملوا من خير وشر.
آخر تفسير سورة الغاشية، والحمد لله رب العالمين
"ثم إن علينا حسابهم"، يعني جزاءهم بعد المرجع إلى الله عز وجل.
معطوفة على ما قبلها والإعراب واضح.
Traslation and Transliteration:
Thumma inna AAalayna hisabahum
And Ours their reckoning.
Sonra da şüphe yok ki hesaplarını görmek, bize düşer.
Ensuite, c'est à Nous de leur demander compte.
dann gewiß, Uns obliegt ihre Abrechnung.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الغاشية (Al-Gashiyah - The Overwhelming) |
ترتيبها |
88 |
عدد آياتها |
26 |
عدد كلماتها |
92 |
عدد حروفها |
378 |
معنى اسمها |
الْغِشَاءُ: الْغِطَاءُ. وَ(الْغَاشِيَةِ): مِنْ أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَِنَّهَا تَغْشَى الْخَلائِقَ بِشَدَائِدِهَا |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الْغَاشِيَةِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْغَاشِيَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ﴾ |
مقاصدها |
التَّذْكِيرُ بِأَحْدَاثِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَالدَّعْوَةُ إِلَى التَّأَمُّلِ فِي مَخْلُوقَاتِ اللهِ تَعَالَى |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا |
فضلها |
تُسَنُّ قِرَاءَتُهَا فِي صَلاَةِ العِيدَيْنِ والجُمُعَة، فَعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِــ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾ و ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ﴾. (رَوَاهُ مُسْلِم) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (الغَاشِيَةِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (الأَعْلَىْ):لَمَّا خَتَمَ اللهُ تَعَالَى (الْأَعْلَى) بِذِكْرِ الْآخِرَةِ بِقَولِهِ: ﴿وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ ١٧﴾، افْتَتَحَ (الْغَاشِيَةَ) بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الْآخِرَةِ وَوَصْفِهَا فَقَالَ: ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ ١﴾... الآياتِ |