المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص
للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي
وهو شرح لكتاب النصوص للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الفصل الثالث في رفع الشبهات
![]() |
![]() |
وفيه اعتراضات :
الأولى : إن تعين بنفسه امتنع حلول الصفات المنافية فيه ، ضرورة امتناع اتصاف الواحد بالشخص بالمتنافية ؛ وإلا كان تعينه بهذه الصفات لاستحالة أن يكون بالغير ، فيتعدد الواجب بالأفراد المتعينة من تلك الصفات . قلنا بنفسه ، وجاز أن يستلزم بالذات شيئا ومعه آخر .
الثانية : إن لم يستقل المطلق بالقوام لم يجب بالذات ، وإن استقل ؛ فإن أوجب حلول شيء منافيه ، يوجد أبدا ضد ما وجد ، وإما أن يستلزم ما ينافيه ، فيجتمعان في كل ما وجد .
قلنا : مستقل لا يمنع في مرتبته منافي ما وجد ، وألا يستلزمه إلا في أخرى .
الثالثة : المطلق قابل للمتقابل ، فيحتاج إلى معدات خارجية عنه ؛ إذ لو استفاد استعداد القبول لها من نفسه ، لزم الاختلاف الذاتي في حقيقته . قلنا : يجوز أن يستعد بنفسه لشيء وبواسطة لآخر فلا يلزم الاختلاف ، على أن المعدات صفات خارجة عنه .
الرابعة : لو وجب لاتحد ، وهو محل الصفات ، فيكون البسيط قابلا لشيء وفاعلا له معا ، وقد أبطل في الحكمة .
قلنا : إنما يمتنع من جهة واحدة ، ولا يقدح تعددها في بساطته إذا كانت إحداهما عدمية ، كالتعين الذي هو إضافي مع كون المقبول عدميا أيضا ، فيجوز أن يقبل بتعينه ويفعل بحقيقته أو بالعكس ، على أن العدمي يجوز أن يفعل ويقبل من جهة واحدة ، كاقتضاء وصف شيء للاتصاف بكونه وصفا له وقبوله إياه .
الخامسة : لو كان الواجب المطلق كان علة للأشياء ؛ لكن الواحد من حيث هو كذلك لا يوجب الشيء وما ينافيه ، فلا بدّ لكل شيء من علة أخرى ، فيتوارد العلل على المعلول الشخصي ، بخلاف ما لو كان الخاص إذ يجوز أن يتقيد بوصف يوجب شيئا ومعه آخر .
قلنا : يجوز أن يعرضه أحوال لا يتقيد بها ، ويكون مع حال علة لشيء ومع أخرى لأخرى .
السادسة : لو وجب المطلق كان واحدا ، ولا شك أنه مشترك بين الحوادث ، فهو إمّا عينها أو متصف بها أو صفة لها ، والكل ظاهر الاستحالة .
قلنا : اشتراكه بينها ظهور في ماهيتها من غير اتصاله بها وانفصاله عنها ؛ لأنها معدومة في ذواتها ، تنورت به واتصفت بنسب عقلية بينها وبينه ، والممتنع اتصافه بالحوادث الموجودة النسب أمور عدمية - سيّما إذا كان أحد طرفيها عدميا ، فهو محض الوجود لا يمازجه سواه ولا كثرة فيه بوجه من الوجوه ، بل هي في هيأة تنورت به ، فهو الكل من حيث أن الكل لا شيء بدونه وليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
السابعة : إنه من عوارض الواجب ، فلا يكون نفسه لوجوه :
الأول : لو لم يزد فإما داخل فيرتكب الواجب ، وإما عين ؛ فإما أن لا يشترك وقد أبطل ، أو يشترك فتجرده صفة عارضة ، فعلتها إما ذات الوجود ، فالممكن مقارن أو غيرها ، فيحتاج إلى منفصل ، وأيض
إن اقتضى التجرد انتقض بالممكن ، أو لا تجرد خالف الغرض ، أو لم يقتض شيئا ، فكل علة منفصلة . لا يقال التجرد عدمي فيكون عدم العلة ؛ لأنا نقول : عدم مضاف فيحتاج إلى عدم علة المقارنة ، وهي غير الواجب فيحتاج إلى الغير .
قلنا : اشتراكه بمعنى تعلق الصفات المتعددة به واعتبارها معه بحيث تظهره في الأجناس والأنواع والأشخاص ، ولا تعدد فيه فلا اشتراك في ذاته ، وأيضا علة تجرد الذات بشرط عدم اتصافه لها ، على أنا نختار أنه لا يقتضي شيئا ؛ لكن باطنيته يقتضي التجرد وظاهريته التعلق ، فلا يحتاج إلى الغير ؛ لأنه عين الظاهر والباطن ، ولا نسلم التجرد العدمي يحتاج إلى عدم العلة ؛ لأن الاحتياج إلى عدم العلة أمر ثبوتي ، فلا يثبت بما لا ثبوت له ، فإن سلم فالعدم المضاف من الوجود ، فلا تغاير نفس الوجود حتى يحتاج إلى غير ، على أن المحتاج حينئذ يكون نفس التجرد لا الذات المجردة .
الثاني : لو كان المطلق هو مبدأ للممكنات ، فالمبدأ إما الوجود ، فكل موجود مبدأ لكل شيء حتى لنفسه وعلله لمشاركة الكل في الوجود ، أو مع التجرد ، فالعدم من مبدأ الوجود ، فينسد باب إثبات الصانع ؛ لجواز أن يكون المؤثر وجود ممكن أو المجموع منه ومن العدمي ، لا يقال التجرد شرط التأثير ؛ لأنا نقول : فكل وجود مبدأ للكل - وإن تخلف عنه الأثر لفقد شرطه .
قلنا : نختار الأول مع أن الوجود واحد ، فلا يكون الكل مبدأ للكل حتى لنفسه وعلله ، وعلته أن التجرد شرط والمحظور إنما يلزم لو أثر ؛ لكن وجود الشرط في الممكنات محال ، فجاز أن يستلزم فرض وقوعه محال الآخر .
الثالث : الوجوب نسبة تقتضي طرفين . قلنا : يكفي التغاير الاعتباري كمن يعلم نفسه .
الرابع : الوجود طبيعة نوعية ، فلا تختلف لوازمه .
قلنا : مبني على التعدد ، ويجوز باعتبار صفات أخرى معها ، هاهنا شبهات آخر تأتي كلها في مواضعها إن شاء اللّه تعالى ، والآن أوان الشروع في المقاصد واللّه الموفق والمعين على الشدائد .
* * *
![]() |
![]() |