المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (348)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (348)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ
( ش ) : قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا كِنَايَةٌ عَنْ غُفْرَانِهَا وَالْعَفْوِ عَنْهَا وَقَدْ يَكُونُ مَحْوُهَا مِنْ كِتَابِ الْحَفَظَةِ الْكِرَامِ دَلِيلًا عَلَى عَفْوِهِ تَعَالَى عَمَّنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ بِاكْتِسَابِهِ لَهَا وَقَوْلُهُ يَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَنَازِلَ فِي الْجَنَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْفَعَ دَرَجَتَهُ فِي الدُّنْيَا بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ ثُمَّ بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم الْأَعْمَالَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا لِلْمُكَلَّفِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَضِيلَةِ فَقَالَ إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ اسْتِيعَابُهُ وَالْمَكَارِهُ عَلَى أَنْوَاعِهِنَّ مِنْ شِدَّةِ بَرْدٍ وَأَلَمِ جِسْمٍ وَقِلَّةِ مَاءٍ وَحَاجَةٍ إِلَى النَّوْمِ وَعَجَلَةٍ وَتَحَفُّزٍإِلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَهُوَ يَكُونُ بِبُعْدِ الدَّارِ عَنْ الْمَسْجِدِ وَيَكُونُ بِكَثْرَةِ التَّكْرَارِ عَلَيْهِ وَأَمَّا انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ يَجْلِسَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ الَّتِي تَلِيهَا وَهَذَا يَكُونُ فِي صَلَاتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فَيَنْتَظِرَ بَعْدَهَا الْعَصْرَ أَوْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ فَيَنْتَظِرَ بَعْدَهَا الْعِشَاءَ وَأَمَّا انْتِظَارُ الصُّبْحِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ يَتَكَرَّرُ فِيهِ الْحَدَثُ وَكَذَلِكَ انْتِظَارُ الظُّهْرِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَأَمَّا انْتِظَارُ الْمَغْرِبِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَا أَذْكُرُ الْآنَ فِيهِ نَصًّا وَحُكْمُهُ عِنْدِي حُكْمُ انْتِظَارِ الصُّبْحِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَحُكْمُ انْتِظَارِ الظُّهْرِ بَعْدَ الصُّبْحِ كَاَلَّذِي يَنْتَظِرُ صَلَاةً لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي صَلَّى اشْتِرَاكٌ فِي وَقْتٍ وَاَلَّذِي يَتَقَرَّرُ فِي نَفْسِي أَنِّي قَدْ رَأَيْت رِوَايَةً فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ وَلَا أَذْكُرُ مَوْضِعَهَا الْآنَ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ الرِّبَاطِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ رَبَطَ نَفْسَهُ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ وَحَبَسَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ التَّفْضِيلَ لِهَذَا الرِّبَاطِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الرِّبَاطِ فِي الثُّغُورِ وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ يُرِيدُ أَنَّهُ أَفْضَلُ أَنْوَاعِهِ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْقَائِلُ جِهَادُ النَّفْسِ هُوَ الْجِهَادُ يُرِيدُ أَنَّهُ أَفْضَلُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ الرِّبَاطُ الْمُمْكِنُ الْمُتَيَسِّرُ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَصْرِ وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ قَوْلُهُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ لِشَأْنِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَرَّرَ ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَكْرَارِ كَلَامِهِ ثَلَاثًا إِلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو فِي ذَلِكَ مِنْ فَائِدَةِ التَّعْظِيمِ وَالْإِفْهَامِ أَوْ غَيْرِهِمَا.



