المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (677)]
(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (677)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ح و حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ الْحَجَّاجِ وَهَذَا لَفْظُهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى وَأَبِي سَلَمَةَ ثُمَّ اتَّفَقَا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا فَيَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْحِ قَالَ أَبُو دَاوُد لَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ بِبَعْضِ هَذَا وَزَادَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَزَادَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ النَّاسُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى
( وَهَذَا لَفْظه ) : أَيْ لَفْظ اِبْن الْمُثَنَّى ( عَنْ يَحْيَى ) : أَيْ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى وَهُوَ اِبْن أَبِي كَثِير ( قَالَ اِبْن الْمُثَنَّى وَأَبِي سَلَمَة ) : أَيْ قَالَ اِبْن الْمُثَنَّى فِي رِوَايَته عَنْ عَبْد اللَّه اِبْن أَبِي قَتَادَة وَأَبِي سَلَمَة. وَأَمَّا مُسَدَّد فَقَالَ فِي رِوَايَته عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَة فَقَطْ وَلَمْ يَذْكُر أَبَا سَلَمَة ( ثُمَّ اِتَّفَقَا ) : أَيْ مُسَدَّد وَابْن الْمُثَنَّى ( فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ) : بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَة الْأُولَى ( وَسُورَتَيْنِ ) : أَيْ فِي كُلّ رَكْعَة سُورَة ( وَيُسْمِعنَا الْآيَة أَحْيَانًا ) : وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث الْبَرَاء "" كُنَّا نُصَلِّي خَلْف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْر فَنَسْمَع الْآيَة بَعْد الْآيَة مِنْ سُورَة لُقْمَان وَالذَّارِيَات "" قَالَ الْحَافِظ : وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الْجَهْر فِي السِّرِّيَّة وَأَنَّهُ لَا سُجُود سَهْو عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ الْحَنَفِيَّة وَغَيْرهمْ , سَوَاء قُلْنَا كَانَ يَفْعَل ذَلِكَ عَمْد الْبَيَان الْجَوَاز أَوْ بِغَيْرِ قَصْد لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي التَّدَبُّر , وَفِيهِ حُجَّة عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِسْرَار شَرْط لِصِحَّةِ الصَّلَاة السِّرِّيَّة. وَقَوْله أَحْيَانًا يَدُلّ عَلَى تَكَرُّر ذَلِكَ مِنْهُ اِنْتَهَى. قُلْت : الْحَدِيث لَا يَدُلّ إِلَّا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسِرّ فِي السِّرِّيَّة وَيَسْمَع بَعْض الْآيَات أَحْيَانًا فَالِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى جَوَاز الْجَهْر مُطْلَقًا فِي السِّرِّيَّة بَعِيد وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. ( وَكَانَ يُطَوِّل الرَّكْعَة الْأُولَى مِنْ الظُّهْر ) : قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين : كَانَ السَّبَب فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّشَاط فِي الْأُولَى يَكُون أَكْثَر فَنَاسَبَ التَّخْفِيف فِي الثَّانِيَة حَذَرًا مِنْ الْمَلَل اِنْتَهَى. وَيَأْتِي فِي الْبَاب حِكْمَة أُخْرَى لِتَطْوِيلِ الْأُولَى. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اِسْتِحْبَاب تَطْوِيل الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَة , وَجَمَعَ بَيْنه وَبَيْن حَدِيث سَعْد الْآتِي حَيْثُ قَالَ : أَمَدَّ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنَّ الْمُرَاد تَطْوِيلهمَا عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا التَّسْوِيَة بَيْنهمَا فِي الطُّول. وَقَالَ مَنْ اِسْتَحَبَّ اِسْتِوَاءَهُمَا إِنَّمَا طَالَتْ الْأُولَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاح وَالتَّعَوُّذ وَأَمَّا فِي الْقِرَاءَة فَهُمَا سَوَاء. وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْآتِي , فَحَزَرْنَا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْر قَدْر ثَلَاثِينَ آيَة الْحَدِيث , وَفِي رِوَايَة لِابْنِ مَاجَهْ أَنَّ الَّذِينَ حَزَرُوا ذَلِكَ كَانُوا ثَلَاثِينَ مِنْ الصَّحَابَة. وَادَّعَى اِبْن حِبَّان أَنَّ الْأُولَى إِنَّمَا طَالَتْ عَلَى الثَّانِيَة بِالزِّيَادَةِ فِي التَّرْتِيل فِيهَا مَعَ اِسْتِوَاء الْمَقْرُوء فِيهِمَا. وَقَدْ رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث حَفْصَة أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَتِّل السُّورَة حَتَّى تَكُون أَطْوَل مِنْ أَطْوَل مِنْهَا. ذَكَرَهُ الْحَافِظ ( وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْح ) : أَيْ يَقْرَأ فِي رَكْعَتَيْ الصُّبْح وَيُطَوِّل الْأُولَى وَيُقَصِّر الثَّانِيَة. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. ( بِبَعْضِ هَذَا ) : أَيْ هَذَا الْحَدِيث الْمَذْكُور آنِفًا ( وَزَادَ ) : أَيْ الْحَسَن بْن عَلِيّ عَنْ يَزِيد عَنْ هَمَّام وَأَبَانَ كِلَيْهِمَا ( فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب ) : وَرَوَى مُسْلِم هَذِهِ الزِّيَادَة مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ يَزِيد بْن هَارُون عَنْ أَبَان وَهَمَّام. قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح صَحِيح مُسْلِم. فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث كُلّهَا دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي جَمِيع الرَّكَعَات. وَلَمْ يُوجِب أَبُو حَنِيفَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْقِرَاءَة بَلْ خَيَّرَهُ بَيْن الْقِرَاءَة وَالتَّسْبِيح وَالسُّكُوت وَالْجُمْهُور لَا عَلَى وُجُوب الْقِرَاءَة وَهُوَ الصَّوَاب الْمُوَافِق لِلسُّنَنِ الصَّحِيحَة. اِنْتَهَى ( وَزَادَ ) : أَيْ الْحَسَن بْن عَلِيّ عَنْ يَزِيد بْن هَارُون ( عَنْ هَمَّام ) : وَحْده ( وَكَانَ يُطَوِّل فِي الرَّكْعَة الْأُولَى مَا لَا يُطَوِّل فِي الثَّانِيَة ) : يُطَوِّل بِالتَّشْدِيدِ مِنْ التَّطْوِيل , وَمَا نَكِرَة مَوْصُوفَة أَيْ يُطَوِّل فِي الْأُولَى إِطَالَة لَا يُطِيلهَا فِي الثَّانِيَة , أَوْ مَصْدَرِيَّة أَيْ غَيْر إِطَالَته فِي الثَّانِيَة فَتَكُون هِيَ مَعَ مَا فِي حَيِّزهَا صِفَة لِمَصْدَرٍ مَحْذُوف ( وَهَكَذَا فِي صَلَاة الْعَصْر وَهَكَذَا فِي صَلَاة الْغَدَاة ) : فِيهِ دَلِيل عَلَى عَدَم اِخْتِصَاص الْقِرَاءَة بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَة فِي الْأُولَيَيْنِ وَبِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَالتَّطْوِيل فِي الْأُولَى بِصَلَاةِ الظُّهْر بَلْ ذَلِكَ هُوَ السُّنَّة فِي جَمِيع الصَّلَوَات. قَالَ الْحَافِظ تَحْت تَرْجَمَة الْبُخَارِيّ : بَاب يُطَوِّل فِي الرَّكْعَة الْأُولَى أَيْ فِي جَمِيع الصَّلَوَات وَهُوَ ظَاهِر الْحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْبَاب. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة يُطَوِّل فِي أُولَى الصُّبْح خَاصَّة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْجَمْع بَيْن أَحَادِيث الْمَسْأَلَة يُطَوِّل فِي الْأُولَى إِنْ كَانَ يَنْتَظِر أَحَدًا إِلَّا فَلْيُسَوِّ بَيْن الْأُولَيَيْنِ. وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق نَحْوه عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء قَالَ : إِنِّي لَأُحِبّ أَنْ يُطَوِّل الْإِمَام الْأُولَى مِنْ كُلّ صَلَاة حَتَّى يَكْثُر النَّاس , فَإِذَا صَلَّيْت لِنَفْسِي فَإِنِّي أَحْرِص عَلَى أَنْ أَجْعَل الْأُولَيَيْنِ سَوَاء. وَذَهَبَ بَعْض الْأَئِمَّة إِلَى اِسْتِحْبَاب تَطْوِيل الْأُولَى مِنْ الصُّبْح دَائِمًا , وَأَمَّا غَيْرهَا فَإِنْ كَانَ يَتَرَجَّى كَثْرَة الْمَأْمُومِينَ وَيُبَادِر هُوَ أَوَّل الْوَقْت فَيَنْتَظِر وَإِلَّا فَلَا. وَذَكَرَ فِي حِكْمَة اِخْتِصَاص الصُّبْح بِذَلِكَ أَنَّهَا تَكُون عَقِب النَّوْم وَالرَّاحَة وَفِي ذَلِكَ الْوَقْت يُوَاطِئ السَّمْع وَاللِّسَان الْقَلْب لِفَرَاغِهِ وَعَدَم تَمَكُّن الِاشْتِغَال بِأُمُورِ الْمَعَاش وَغَيْرهَا مِنْهُ وَالْعِلْم عِنْد اللَّه. اِنْتَهَى. ( قَالَ ) : أَيْ أَبُو قَتَادَة ( أَنَّهُ ) : صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يُرِيد بِذَلِكَ ) : أَيْ التَّطْوِيل فِي الرَّكْعَة الْأُولَى أَنْ يُدْرِك النَّاس الرَّكْعَة الْأُولَى فِيهِ أَنَّ الْحِكْمَة فِي التَّطْوِيل الْمَذْكُور هِيَ اِنْتِظَار الدَّاخِل وَكَذَا رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَة عَبْد الرَّزَّاق وَابْن خُزَيْمَةَ. وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْض الشَّافِعِيَّة عَلَى جَوَاز تَطْوِيل الْإِمَام فِي الرُّكُوع لِأَجْلِ الدَّاخِل. قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَلَا حُجَّة فِيهِ لِأَنَّ الْحِكْمَة لَا يُعَلَّل بِهَا لِخَفَائِهَا أَوْ لِعَدَمِ اِنْضِبَاطهَا وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدْخُل فِي الصَّلَاة يُرِيد تَقْصِير تِلْكَ الرَّكْعَة ثُمَّ يُطِيلهَا لِأَجْلِ الْآتِي , وَإِنَّمَا كَانَ يَدْخُل فِيهَا لِيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى سُنَنهَا مِنْ تَطْوِيل الْأُولَى فَافْتَرَقَ الْأَصْل وَالْفَرْع فَامْتَنَعَ الْإِلْحَاق اِنْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيّ فِي جُزْء الْقِرَاءَة كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَد مِنْ السَّلَف فِي اِنْتِظَار الدَّاخِل فِي الرُّكُوع شَيْء وَاَللَّه أَعْلَم , قَالَهُ الْحَافِظ.



