موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (402)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(سنن أبي داود) - [الحديث رقم: (402)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُسَدَّدٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو عَوَانَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو كَامِلٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ ‏


‏ ‏( إِنَّ الْبُزَاق ) ‏ ‏: أَيْ إِلْقَاءَهُ وَهُوَ مَا يَخْرُج مِنْ الْفَم ‏ ‏( فِي الْمَسْجِد ) ‏ ‏: قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : هُوَ ظَرْف لِلْفِعْلِ فَلَا يُشْتَرَط كَوْن الْفَاعِل فِيهِ حَتَّى لَوْ بَصَقَ مَنْ هُوَ خَارِج الْمَسْجِد فِيهِ تَنَاوَلَهُ النَّهْي وَاَللَّه أَعْلَم ‏ ‏( خَطِيئَة ) ‏ ‏: أَيْ إِثْم. وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد سَيِّئَة , وَكَالْبُزَاقِ الْمُخَاط بَلْ أَوْلَى ‏ ‏( وَكَفَّارَتهَا ) ‏ ‏: أَيْ إِذَا فَعَلَهَا خَطَأ. قَالَ الْعَيْنِيّ : وَالْكَفَّارَة عَلَى وَزْن فَعَّالَة لِلْمُبَالَغَةِ كَقَتَّالَةٍ وَضَرَّابَة وَهِيَ مِنْ الصِّفَات الْغَالِبَة فِي بَاب الِاسْمِيَّة وَهِيَ عِبَارَة عَنْ الْفَعْلَة وَالْخَصْلَة الَّتِي مِنْ شَأْنهَا أَنْ تُكَفِّر الْخَطِيئَة أَيْ تَسْتُرهَا وَتَمْحُوهَا , وَأَصْل الْمَادَّة مِنْ الْكَفْر وَهُوَ السَّتْر , وَمِنْهُ سُمِّيَ الزَّرَّاع كَافِرًا لِأَنَّهُ يَسْتُر الْحَبّ فِي الْأَرْض , وَسُمِّيَ الْمُخَالِف لِدِينِ الْإِسْلَام كَافِرًا لِأَنَّهُ يَسْتُر الدِّين الْحَقّ. وَالتَّكْفِير هُوَ فِعْل مَا يَجِب بِالْحِنْثِ وَالِاسْم مِنْهُ الْكَفَّارَة ‏ ‏( دَفْنهَا ) ‏ ‏: أَيْ الْبُزَاق يَعْنِي إِذَا أَزَالَ ذَلِكَ الْبُزَاق أَوْ سَتَرَهُ بِشَيْءٍ طَاهِر عَقِيب الْإِلْقَاء زَالَ مَعَهُ تِلْكَ الْخَطِيئَة. قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة لَمْ يَقُلْ وَكَفَّارَتهَا تَغْطِيَتهَا لِأَنَّ التَّغْطِيَة يَسْتَمِرّ الضَّرَر بِهَا إِذْ لَا يَأْمَن أَنْ يَجْلِس غَيْره عَلَيْهَا فَتُؤْذِيه بِخِلَافِ الدَّفْن فَإِنَّهُ يُفْهَم مِنْهُ التَّعْمِيق فِي بَاطِن , الْأَرْض اِنْتَهَى. قَالَ الْعَيْنِيّ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِدَفْنِ الْبُزَاق فَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ الدَّفْن فِي تُرَاب الْمَسْجِد وَرَمْله وَحَصَيَاته إِنْ كَانَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَشْيَاء وَإِلَّا يُخْرِجهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَسَاجِد تُرْبَة وَكَانَتْ ذَات حَصِير فَلَا يَجُوز اِحْتِرَامًا لِلْمَالِيَّةِ. قُلْتُ : إِذَا كَانَ الْإِنْسَان مُحْتَاجًا إِلَى دَفْع الْبُزَاق وَكَانَتْ الْمَسَاجِد ذَات حَصِير أَوْ كَانَ فِرَاشهَا مِنْ الْجِصّ أَوْ الْحَجَر فَأَلْقَى الْبُزَاق تَحْت قَدَمه الْيُسْرَى وَدَلَكَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِد لِلْبُزَاقِ أَثَر فَلَا حَرَج وَعَلَيْهِ يُحْمَل الْحَدِيث الْآتِي الَّذِي رُوِيَ مِنْ طَرِيق مُسَدَّد "" فَبَزَقَ تَحْت قَدَمه الْيُسْرَى ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ "". وَفِيهِ أَنَّ الْبُزَاق طَاهِر وَكَذَا النُّخَامَة طَاهِرَة جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لَفْظ الْبُزَاق , وَفِي الرِّوَايَة السَّابِقَة لَفْظ التَّفْل. قَالَ الْعَيْنِيّ. وَالتَّفْل شَبِيه بِالْبَزْقِ وَهُوَ أَقَلّ مِنْهُ , أَوَّله الْبَزْق ثُمَّ التَّفْل ثُمَّ النَّفْخ. اِنْتَهَى. قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : إِنَّمَا يَكُون خَطِيئَة إِذَا لَمْ يَدْفِنهُ , وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ دَفْنه فَلَا. وَرَدَّهُ النَّوَوِيّ فَقَالَ هُوَ خِلَاف صَرِيح الْحَدِيث. قُلْتُ : وَحَاصِل النِّزَاع أَنَّ هُنَا عُمُومَيْنِ تَعَارَضَا وَهُمَا قَوْله الْبُزَاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة , وَقَوْله وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَاره أَوْ تَحْت قَدَمه , فَالنَّوَوِيّ يَجْعَل الْأَوَّل عَامًّا وَيَخُصّ الثَّانِي بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِد , وَالْقَاضِي بِخِلَافِهِ يَجْعَل الثَّانِيَ عَامًّا وَيَخُصّ الْأَوَّل بِمَنْ لَمْ يُرِدْ دَفْنهَا , وَقَدْ وَافَقَ الْقَاضِي جَمَاعَة مِنْهُمْ اِبْن مَكِّيّ فِي التَّنْقِيب وَالْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهِم وَغَيْرهمَا وَيَشْهَد لَهُمْ مَا رَوَاهُ أَحْمَد بِإِسْنَادٍ حَسَن مِنْ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص مَرْفُوعًا قَالَ "" مَنْ تَنَخَّمَ فِي الْمَسْجِد فَيُغَيِّب نُخَامَته أَنْ تُصِيب جِلْد مُؤْمِن أَوْ ثَوْبه فَتُؤْذِيه "" وَأَوْضَح مِنْهُ فِي الْمَقْصُود مَا رَوَاهُ أَحْمَد أَيْضًا وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَن مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا قَالَ "" مَنْ تَنَخَّمَ فِي الْمَسْجِد فَلَمْ يَدْفِنهُ فَسَيِّئَة , وَإِنْ دَفَنَهُ فَحَسَنَة "" فَلَمْ يَجْعَلهُ سَيِّئَة إِلَّا بِقَيْدِ عَدَم الدَّفْن. وَنَحْوه حَدِيث أَبِي ذَرّ عِنْد مُسْلِم مَرْفُوعًا قَالَ وَوَجَدْت فِي مَسَاوِئ أَعْمَال أُمَّتِي النُّخَاعَة تَكُون فِي الْمَسْجِد لَا تُدْفَن. قَالَ الْقُرْطُبِيّ : فَلَمْ يَثْبُت لَهَا حُكْم السَّيِّئَة لِمُجَرَّدِ إِيقَاعهَا فِي الْمَسْجِد بَلْ بِهِ وَبِتَرْكِهَا غَيْر مَدْفُونَة اِنْتَهَى وَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح أَنَّهُ تَنَخَّمَ فِي الْمَسْجِد لَيْلَة فَنَسِيَ أَنْ يَدْفِنهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى مَنْزِله فَأَخَذَ شُعْلَة مِنْ نَار ثُمَّ جَاءَ فَطَلَبَهَا حَتَّى دَفَنَهَا ثُمَّ قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَكْتُب عَلَيَّ خَطِيئَة اللَّيْلَة. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَطِيئَة تَخْتَصّ بِمَنْ تَرَكَهَا لَا بِمَنْ دَفْنهَا. وَعِلَّة النَّهْي تُرْشِد إِلَيْهِ وَهِيَ تَأَذِّي الْمُؤْمِن بِهَا. وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ عُمُومه مَخْصُوص جَوَاز ذَلِكَ فِي الثَّوْب وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِد بِلَا خِلَاف. وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّير "" أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَصَقَ تَحْت قَدَمه الْيُسْرَى ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ "" إِسْنَاده صَحِيح وَأَصْله فِي مُسْلِم. وَالظَّاهِر أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْمَسْجِد فَيُؤَيِّد مَا تَقَدَّمَ. وَتَوَسَّطَ بَعْضهمْ فَحَمَلَ الْجَوَاز عَلَى مَا إِذَا كَانَ لَهُ عُذْر كَأَنْ لَمْ يَتَمَكَّن مِنْ الْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد وَالْمَنْع عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْر وَهُوَ تَفْصِيل حَسَن وَاَللَّه أَعْلَم. اِنْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ. ‏ ‏( اِبْن زُرَيْع ) ‏ ‏: بِتَقْدِيمِ الزَّاي الْمُعْجَمَة وَبَعْدهَا رَاء مُهْمَلَة مُصَغَّرًا ‏ ‏( عَنْ سَعِيد ) ‏ ‏: هُوَ اِبْن أَبِي عَرُوبَة ‏ ‏( النُّخَاعَة ) ‏ ‏: قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة هِيَ الْبَزْقَة الَّتِي تَخْرُج مِنْ أَصْل الْفَم مِمَّا يَلِي أَصْل النُّخَاع. وَالنُّخَامَة الْبَزْقَة الَّتِي تَخْرُج مِنْ أَقْصَى الْحَلْق وَمِنْ مَخْرَج الْخَاء الْمُعْجَمَة اِنْتَهَى. قَالَ فِي الْمِصْبَاح الْمُنِير : النُّخَاع خَيْط أَبْيَض دَاخِل عَظْم الرَّقَبَة يَمْتَدّ إِلَى الصُّلْب يَكُون فِي جَوْف الْفَقَار اِنْتَهَى. قَالَ الْعَيْنِيّ : الْبُصَاق مَا يَخْرُج مِنْ الْفَم وَالْمُخَاط مَا يَسِيل مِنْ الْأَنْف. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!