المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (568)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (568)]
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث ) هُوَ اِبْن سَعِيد , وَخَالِد هُوَ الْحَذَّاءُ كَمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة , وَالْإِسْنَاد كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ. قَوْله : ( ذَكَرُوا النَّار وَالنَّاقُوس فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ) كَذَا سَاقَهُ عَبْد الْوَارِث مُخْتَصَرًا , وَرِوَايَة عَبْد الْوَهَّاب الْآتِيَة فِي الْبَاب الَّذِي بَعْدَهُ أَوْضَحُ قَلِيلًا حَيْثُ قَالَ "" لَمَّا كَثُرَ النَّاس ذَكَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا وَقْت الصَّلَاة بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ , فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا "" وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَة رَوْحِ بْن عَطَاء عَنْ خَالِد عِنْدَ أَبِي الشَّيْخ وَلَفْظه "" فَقَالُوا لَوْ اِتَّخَذْنَا نَاقُوسًا. فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ لِلنَّصَارَى. فَقَالُوا : لَوْ اِتَّخَذْنَا بُوقًا , فَقَالَ : ذَاكَ لِلْيَهُودِ. فَقَالُوا : لَوْ رَفَعْنَا نَارًا , فَقَالَ : ذَاكَ لِلْمَجُوسِ "" فَعَلَى هَذَا فَفِي رِوَايَة عَبْد الْوَارِث اِخْتِصَار كَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ : ذَكَرُوا النَّار وَالنَّاقُوس وَالْبُوق فَذَكَرُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَاللَّفّ وَالنَّشْر فِيهِ مَعْكُوس , فَالنَّار لِلْمَجُوسِ وَالنَّاقُوس لِلنَّصَارَى وَالْبُوق لِلْيَهُودِ. وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث اِبْن عُمَر التَّنْصِيص عَلَى أَنَّ الْبُوق لِلْيَهُودِ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُون النَّار وَالْبُوق جَمِيعًا لِلْيَهُودِ جَمْعًا بَيْنَ حَدِيثَيْ أَنَس وَابْن عُمَر. اِنْتَهَى. وَرِوَايَة رَوْحٍ تُغْنِي عَنْ هَذَا الِاحْتِمَال. قَوْله : ( فَأُمِرَ بِلَال ) هَكَذَا فِي مُعْظَم الرِّوَايَات عَلَى الْبِنَاء لِلْمَفْعُولِ , وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْحَدِيث وَأَهْل الْأُصُول فِي اِقْتِضَاء هَذِهِ الصِّيغَة لِلرَّفْعِ , وَالْمُخْتَار عِنْدَ مُحَقِّقِي الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ , لِأَنَّ الظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد بِالْأَمْرِ مَنْ لَهُ الْأَمْر الشَّرْعِيّ الَّذِي يَلْزَم اِتِّبَاعه وَهُوَ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيُؤَيِّد ذَلِكَ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ التَّقْرِير فِي الْعِبَادَة إِنَّمَا يُؤْخَذ عَنْ تَوْقِيف فَيَقْوَى جَانِب الرَّفْع جِدًّا. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة رَوْحِ بْن عَطَاء الْمَذْكُورَة "" فَأَمَرَ بِلَالًا "" بِالنَّصْبِ وَفَاعِل أَمَرَ هُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ بَيِّنٌ فِي سِيَاقه. وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَة النَّسَائِيِّ وَغَيْره عَنْ قُتَيْبَة عَنْ عَبْد الْوَهَّاب بِلَفْظِ "" أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا "" قَالَ الْحَاكِم : صَرَّحَ بِرَفْعِهِ إِمَام الْحَدِيث بِلَا مُدَافَعَةِ قُتَيْبَةَ. قُلْت : وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ , فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيق مَرْوَانَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ قُتَيْبَة وَيَحْيَى بْن مَعِينٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْد الْوَهَّاب , وَطَرِيق يَحْيَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا , وَلَمْ يَنْفَرِد بِهِ عَبْد الْوَهَّاب. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَلَاذُرِيُّ مِنْ طَرِيق اِبْن شِهَاب الْحَنَّاط عَنْ أَبِي قِلَابَةَ : وَقَضِيَّة وُقُوع ذَلِكَ عَقِبَ الْمُشَاوَرَة فِي أَمْر النِّدَاء إِلَى الصَّلَاة ظَاهِر فِي أَنَّ الْآمِرَ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا غَيْره كَمَا اِسْتَدَلَّ بِهِ اِبْن الْمُنْذِرِ وَابْن حِبَّانَ , وَاسْتَدَلَّ بِوُرُودِ الْأَمْر بِهِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْأَذَان. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَمْر إِذَا وَرَدَ بِصِفَةِ الْأَذَان لَا بِنَفْسِهِ , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الْأَمْر بِالصِّفَةِ لَزِمَ أَنْ يَكُون الْأَصْل مَأْمُورًا بِهِ , قَالَهُ اِبْن دَقِيق الْعِيد. وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ مُطْلَقًا الْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ وَابْن الْمُنْذِرِ وَهُوَ ظَاهِر قَوْل مَالِك فِي الْمُوَطَّأ وَحَكَى عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَن , وَقِيلَ وَاجِب فِي الْجُمُعَة فَقَطْ وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَة , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ مِنْ السُّنَن الْمُؤَكَّدَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مُنْشَأِ الْخِلَاف فِي ذَلِكَ , وَأَخْطَأَ مَنْ اِسْتَدَلَّ عَلَى عَدَم وُجُوبه بِالْإِجْمَاعِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَاَللَّه أَعْلَم.



