المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (467)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (467)]
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مَا كَادَتْ الشَّاةُ تَجُوزُهَا
قَوْله : ( عَنْ سَلَمَةَ ) يَعْنِي اِبْن الْأَكْوَع وَهَذَا ثَانِي ثُلَاثِيَّات الْبُخَارِيّ. قَوْله : ( كَانَ جِدَار الْمَسْجِدِ ) كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة مَكِّيّ , وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِم عَنْ يَزِيدُ بِلَفْظ "" كَانَ الْمِنْبَر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَائِط الْقِبْلَةَ إِلَّا قَدْر مَا تَمُرُّ الْعَنْزَة , فَتَبَيَّنُ بِهَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الْحَدِيثَ مَرْفُوع. قَوْله : ( تَجُوزُهَا ) وَلِبَعْضِهِمْ "" أَنْ تَجُوزَهَا "" أَيْ الْمَسَافَةِ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْجِدَارِ. فَإِنْ قِيلَ : مَنْ أَيْنَ يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ ؟ أَجَابَ الْكَرْمَانِيّ فَقَالَ : مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ بِجَنْب الْمِنْبَر , أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لِمَسْجِدِهِ مِحْرَاب , فَتَكُونُ مَسَافَةَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَظِيرَ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْجِدَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَته قَدْر مَا كَانَ بَيْنَ مِنْبَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِدَار الْقِبْلَة. وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ اِبْن رَشِيد أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى حَدِيثِ سَهْل بْن سَعْد الَّذِي تَقَدَّمُ فِي "" بَاب الصَّلَاةَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْخَشَبِ "" فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ حِينَ عُمِلَ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ ذِكْرَ الْمِنْبَرِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَوْضِع قِيَام الْمُصَلِّي. فَإِنْ قِيلَ : إِنْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنَّمَا نَزَلَ فَسَجَدَ فِي أَصْلِهِ , وَبَيْنَ أَصْل الْمِنْبَر وَبَيْنَ الْجِدَارِ أَكْثَر مِنْ مَمَرّ الشَّاة أُجِيبَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ قَدْ حَصَلَ فِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ , وَإِنَّمَا نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ ; لِأَنَّ الدَّرَجَةَ لَمْ تَتَّسِعْ لِقَدْر سُجُوده فَحَصَلَ بِهِ الْمَقْصُود. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا سَجَدَ فِي أَصْل الْمِنْبَر صَارَتْ الدَّرَجَة الَّتِي فَوْقَهُ سُتْرَة لَهُ وَهُوَ قَدْرُ مَا تَقَدَّمَ. قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا أَقَلُّ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهُ , يَعْنِي قَدْر مَمَرّ الشَّاة , وَقِيلَ أَقَلّ ذَلِكَ ثَلَاثَة أَذْرُعٍ لِحَدِيثِ بِلَال "" إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةُ أَذْرُع , كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَاب. وَجَمَعَ الدَّاوُدِيّ بِأَنَّ أَقَلَّهُ مَمَرّ الشَّاة. وَأَكْثَرُهُ ثَلَاثَة أَذْرُع. وَجَمَعَ بَعْضهمْ بِأَنَّ الْأَوَّل فِي حَال الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالثَّانِي فِي حَال الرُّكُوع وَالسُّجُود. وَقَالَ اِبْن الصَّلَاحِ : قَدَّرُوا مَمَرّ الشَّاة بِثَلَاثَةِ أَذْرُع. قُلْت : وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ : اِسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ الدُّنُوّ مِنْ السُّتْرَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَدْرُ إِمْكَانِ السُّجُودِ , وَكَذَلِكَ بَيْنَ الصُّفُوفِ. وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالدُّنُوِّ مِنْهَا , وَفِيهِ بَيَانُ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ , وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ سَهْل اِبْن أَبِي حَثْمَة مَرْفُوعًا "" إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَان عَلَيْهِ صِلَاته "".



