المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (455)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (455)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مَسْلَمَة ) هُوَ الْقَعْنَبِيُّ. قَوْله : ( عَنْ عَمِّهِ ) هُوَ عَبْد اللَّه بْن زَيْد بْن عَاصِم الْمَازِنِيّ. قَوْله : ( وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ) قَالَ الْخَطَّابِيّ : فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخ , أَوْ يُحْمَلُ النَّهْي حَيْثُ يُخْشَى أَنْ تَبْدُوَ الْعَوْرَة وَالْجَوَاز حَيْثُ يُؤْمَنُ ذَلِكَ. قُلْت : الثَّانِي أَوْلَى مِنْ اِدِّعَاءِ النَّسْخِ ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ , وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْبَيْهَقِيّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرهمَا مِنْ الْمُحْدَثِينَ , وَجَزْم اِبْنُ بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخ. وَقَالَ الْمَازِرِيّ : إِنَّمَا بَوَّبَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ , لَا فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ , النَّهْي عَنْ أَنْ يَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى , لَكِنَّهُ عَامٌّ ; لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعُ , وَاسْتِلْقَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ فِعْل قَدْ يَدَّعِي قَصْره عَلَيْهِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَاز لَكِنْ لَمَّا صَحَّ أَنَّ عُمَر وَعُثْمَان كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بَلْ هُوَ جَائِز مُطْلَقًا , فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا صَارَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُضٌ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا , فَذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيّ. وَفِي قَوْلِهِ عَنْ حَدِيث النَّهْي "" لَيْسَ فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ "" إِغْفَال , فَإِنَّ الْحَدِيثَ عِنْد مُسْلِم فِي اللِّبَاسِ مِنْ حَدِيثِ جَابِر , وَفِي قَوْلِهِ "" فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَاز "" نَظَر ; لِأَنَّ الْخَصَائِصَ لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ , وَالظَّاهِرَ أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِبَيَان الْجَوَاز , وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الِاسْتِرَاحَةِ لَا عِنْد مُجْتَمَعِ النَّاسِ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ مِنْ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمْ بِالْوَقَارِ التَّامِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الْخَطَّابِيّ : وَفِيهِ جَوَاز الِاتِّكَاء فِي الْمَسْجِدِ وَالِاضْطِجَاع وَأَنْوَاع الِاسْتِرَاحَةِ. وَقَالَ الدَّاوُدِيّ : فِيهِ أَنَّ الْأَجْرَ الْوَارِد لِلَّابِثِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَخْتَصُّ بِالْجَالِسِ بَلْ يَحْصُلُ لِلْمُسْتَلْقِي أَيْضًا. قَوْله : ( وَعَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الْقَعْنَبِيّ , وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ , وَقَدْ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّق.



