موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (29)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (29)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏شُعْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ‏ ‏قَالَ لَقِيتُ ‏ ‏أَبَا ذَرٍّ ‏ ‏بِالرَّبَذَةِ ‏ ‏وَعَلَيْهِ ‏ ‏حُلَّةٌ ‏ ‏وَعَلَى غُلَامِهِ ‏ ‏حُلَّةٌ ‏ ‏فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ ‏ ‏رَجُلًا ‏ ‏فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَا ‏ ‏أَبَا ذَرٍّ ‏ ‏أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ ‏ ‏خَوَلُكُمْ ‏ ‏جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا ‏ ‏يَغْلِبُهُمْ ‏ ‏فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ ‏


‏ ‏قَوْله : ( عَنْ وَاصِل ) ‏ ‏هُوَ اِبْن حَيَّان , وَلِلْأَصِيلِيِّ هُوَ الْأَحْدَب ,وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِتْق حَدَّثَنَا وَاصِل الْأَحْدَب ‏ ‏قَوْله : ( عَنْ الْمَعْرُور ) ‏ ‏وَفِي الْعِتْق : سَمِعْت الْمَعْرُور بْن سُوَيْدٍ , وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ سَاكِن الْعَيْن. ‏ ‏قَوْله ( بِالرَّبَذَةِ ) ‏ ‏هُوَ بِفَتْحِ الرَّاء وَالْمُوَحَّدَة وَالْمُعْجَمَة : مَوْضِع بِالْبَادِيَةِ , بَيْنه وَبَيْن الْمَدِينَة ثَلَاث مَرَاحِل. ‏ ‏قَوْله : ( وَعَلَيْهِ حُلَّة وَعَلَى غُلَامه حُلَّة ) ‏ ‏هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَر أَصْحَاب شُعْبَة عَنْهُ , لَكِنْ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق مُعَاذ عَنْ شُعْبَة "" أَتَيْت أَبَا ذَرّ , فَإِذَا حُلَّة عَلَيْهِ مِنْهَا ثَوْب وَعَلَى عَبْده مِنْهَا ثَوْب "" وَهَذَا يُوَافِق مَا فِي اللُّغَة أَنَّ الْحُلَّة ثَوْبَانِ مِنْ جِنْس وَاحِد , وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ الْمَعْرُور عِنْد الْمُؤَلِّف فِي الْأَدَب بِلَفْظِ "" رَأَيْت عَلَيْهِ بُرْدًا وَعَلَى غُلَامه بُرْدًا فَقُلْت : لَوْ أَخَذْت هَذَا فَلَبِسْته كَانَتْ حُلَّة "" وَفِي رِوَايَة مُسْلِم "" فَقُلْنَا : يَا أَبَا ذَرّ , لَوْ جَمَعْت بَيْنهمَا كَانَتْ حُلَّة "" وَلِأَبِي دَاوُدَ "" فَقَالَ الْقَوْم : يَا أَبَا ذَرّ , لَوْ أَخَذْت الَّذِي عَلَى غُلَامك فَجَعَلْته مَعَ الَّذِي عَلَيْك لَكَانَتْ حُلَّة "" فَهَذَا مُوَافِق لِقَوْلِ أَهْل اللُّغَة ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَصِيرَانِ بِالْجَمْعِ بَيْنهمَا حُلَّة , وَلَوْ كَانَ كَمَا فِي الْأَصْل عَلَى كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا حُلَّة لَكَانَ إِذَا جَمَعَهُمَا يَصِير عَلَيْهِ حُلَّتَانِ , وَيُمْكِن الْجَمْع بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ بُرْد جَيِّد تَحْته ثَوْب خَلِق مِنْ جِنْسه وَعَلَى غُلَامه كَذَلِكَ , وَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ : لَوْ أَخَذْت الْبُرْد الْجَيِّد فَأَضَفْته إِلَى الْبُرْد الْجَيِّد الَّذِي عَلَيْك وَأَعْطَيْت الْغُلَام الْبُرْد الْخَلِق بَدَله لَكَانَتْ حُلَّة جَيِّدَة , فَتَلْتَئِم بِذَلِكَ الرِّوَايَتَانِ , وَيُحْمَل قَوْله فِي حَدِيث الْأَعْمَش "" لَكَانَتْ حُلَّة "" أَيْ : كَامِلَة الْجَوْدَة , فَالتَّنْكِير فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ. وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ نَقَلَ بَعْض أَهْل اللُّغَة أَنَّ الْحُلَّة لَا تَكُون إِلَّا ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ يَحُلّهُمَا مِنْ طَيّهمَا , فَأَفَادَ أَصْل تَسْمِيَة الْحُلَّة. وَغُلَام أَبِي ذَرّ الْمَذْكُور لَمْ يُسَمَّ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَبَا مُرَاوِح مَوْلَى أَبِي ذَرّ , وَحَدِيثه عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَذَكَرَ مُسْلِم فِي الْكُنَى أَنَّ اِسْمه سَعْد. ‏ ‏قَوْله : ( فَسَأَلْته ) ‏ ‏أَيْ : عَنْ السَّبَب فِي إِلْبَاسه غُلَامه نَظِير لُبْسه ; لِأَنَّهُ عَلَى خِلَاف الْمَأْلُوف , فَأَجَابَهُ بِحِكَايَةِ الْقِصَّة الَّتِي كَانَتْ سَبَبًا لِذَلِكَ. ‏ ‏قَوْله : ( سَابَبْت ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ "" شَاتَمْت "" وَفِي الْأَدَب لِلْمُؤَلِّفِ "" كَانَ بَيْنِي وَبَيْن رَجُل كَلَام "" وَزَادَ مُسْلِم "" مِنْ إِخْوَانِي "" وَقِيلَ : إِنَّ الرَّجُل الْمَذْكُور هُوَ بِلَال الْمُؤَذِّن مَوْلَى أَبِي بَكْر , وَرَوَى ذَلِكَ الْوَلِيد بْنُ مُسْلِم مُنْقَطِعًا. وَمَعْنَى "" سَابَبْت "" وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنه سِبَاب بِالتَّخْفِيفِ , وَهُوَ مِنْ السَّبّ بِالتَّشْدِيدِ وَأَصْله الْقَطْع وَقِيلَ مَأْخُوذ مِنْ السَّبَّة وَهِيَ حَلْقَة الدُّبُر , سَمَّى الْفَاحِش مِنْ الْقَوْل بِالْفَاحِشِ مِنْ الْجَسَد , فَعَلَى الْأَوَّل الْمُرَاد قَطْع الْمَسْبُوب , وَعَلَى الثَّانِي الْمُرَاد كَشْف عَوْرَته لِأَنَّ مِنْ شَأْن السَّابّ إِبْدَاء عَوْرَة الْمَسْبُوب. ‏ ‏قَوْله : ( فَعَيَّرْته بِأُمِّهِ ) ‏ ‏أَيْ : نَسَبْته إِلَى الْعَار , زَادَ فِي الْأَدَب "" وَكَانَتْ أُمّه أَعْجَمِيَّة فَنِلْت مِنْهَا "" وَفِي رِوَايَة "" قُلْت لَهُ يَا اِبْن السَّوْدَاء "" , وَالْأَعْجَمِيّ مَنْ لَا يُفْصِح بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ سَوَاء كَانَ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا , وَالْفَاء فِي "" فَعَيَّرْته "" قِيلَ هِيَ تَفْسِيرِيَّة كَأَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ التَّعْيِير هُوَ السَّبّ , وَالظَّاهِر أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنهمَا سِبَاب وَزَادَ عَلَيْهِ التَّعْيِير فَتَكُون عَاطِفَة , وَيَدُلّ عَلَيْهِ رِوَايَة مُسْلِم قَالَ "" أَعَيَّرْته بِأُمِّهِ ؟ فَقُلْت : مَنْ سَبَّ الرِّجَال سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمّه. قَالَ : إِنَّك اِمْرُؤٌ فِيك جَاهِلِيَّة "" أَيْ : خَصْلَة مِنْ خِصَال الْجَاهِلِيَّة. وَيَظْهَر لِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَبِي ذَرّ قَبْل أَنْ يَعْرِف تَحْرِيمه , فَكَانَتْ تِلْكَ الْخَصْلَة مِنْ خِصَال الْجَاهِلِيَّة بَاقِيَة عِنْده , فَلِهَذَا قَالَ كَمَا عِنْد الْمُؤَلِّف فِي الْأَدَب "" قُلْت : عَلَى سَاعَتِي هَذِهِ مِنْ كِبَر السِّنّ ؟ قَالَ : نَعَمْ "" كَأَنَّهُ تَعَجَّبَ مِنْ خَفَاء ذَلِكَ عَلَيْهِ مَعَ كِبَر سِنّه , فَبَيَّنَ لَهُ كَوْن هَذِهِ الْخَصْلَة مَذْمُومَة شَرْعًا , وَكَانَ بَعْد ذَلِكَ يُسَاوِي غُلَامه فِي الْمَلْبُوس وَغَيْره أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ , وَإِنْ كَانَ لَفْظ الْحَدِيث يَقْتَضِي اِشْتِرَاط الْمُوَاسَاة لَا الْمُسَاوَاة , وَسَنَذْكُرُ مَا يَتَعَلَّق بِبَقِيَّةِ ذَلِكَ فِي كِتَاب الْعِتْق حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّف إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَفِي السِّيَاق دَلَالَة عَلَى جَوَاز تَعْدِيَة "" عَيَّرْته "" بِالْبَاءِ , وَقَدْ أَنْكَرَهُ اِبْن قُتَيْبَة وَتَبِعَهُ بَعْضهمْ , وَأَثْبَتَ آخَرُونَ أَنَّهَا لُغَة. وَقَدْ جَاءَ فِي سَبَب إِلْبَاس أَبِي ذَرّ غُلَامه مِثْل لُبْسه أَثَر مَرْفُوع أَصْرَح مِنْ هَذَا وَأَخَصّ , أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق أَبِي غَالِب عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى أَبَا ذَرّ عَبْدًا فَقَالَ "" أَطْعِمْهُ مِمَّا تَأْكُل , وَأَلْبِسهُ مِمَّا تَلْبَس "" وَكَانَ لِأَبِي ذَرٍّ ثَوْب فَشَقَّهُ نِصْفَيْنِ , فَأَعْطَى الْغُلَام نِصْفه , فَرَآهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه "" أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ , وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ "" قَالَ : نَعَمْ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!