- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 204
الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هُوَ لَهُ «1». وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم «2» الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدَث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين، وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي وغير أزلي وهو «3» الحادث. فالأزلي وجود الحق لنفسه، وغير الأزلي وجود الحق بصورة «4» العالم الثابت. فيسمى «5» حدوثاً لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور «6» العالم. فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبيَّة للكمال فافهم «13». أ لا تراه كيف نفَّس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين «7» مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له «8»، ولم يوصل إليها إلا بالوجود «9» الصوري الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثَمَّ حركة في الكون إلا وهي حبيَّة. فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه «10» في الحال واستيلائه على النفس. فكان الخوف لموسى مشهوداً له بما وقع من قتله القبطي، وتضمَّن الخوفُ حبَّ النجاة من القتل «14». ففر لمَّا خاف، وفي المعنى ففر لمَّا أحبَّ النجاة من فرعون وعمله به. فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر. وحب النجاة مُضَمن «11» فيه تضمين الجسد للروح المدبر له. والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالِمِ السامع. فلا يَعْتَبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرْتبة «12» أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على
(1) ب: هو له بذاته (2) «ا» و«ن»: وما بقي إلا تمام معرفة العلم به. فالعلم إلخ (3) ب: فهو (4) ب: بصور (5): فسمى- ن: يسمى (6) ن: بصورة (7) ا: عن (8) ا: ساقطة (9) ا: الوجود له (10) ا: بحكمة (11) ا: تضمن (12) ن: مرتبه.
- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 204 |