موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الدين الذي استطاع بحكمته حماية المدينة من الفرنجة بالإضافة إلى عقده عدة معاهدات تجارية مع أنطاكية والبندقية فنالت حلب شهرة ومجداً عظيمين في هذه الفترة. ولكن ذلك العصر الذهبي الذي عاشته المدينة انتهى باجتياح المغول لحلب سنة 659/1260 ثم ما لبث أن بدأ عهد المماليك 659/1260-922/1516 وبعدها الدولة العثمانية 922/1516-1337/1918 ثم العصر الحديث.

ولقد تغنى الكثير من الشعراء في حلب لِما عرف عن جميل أوصافها وأوصاف أهلها، فكما ذكر ابن شداد في "الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام و الجزيرة" عن حلب أن أهلها من أحسن الناس خَلقاً وأخلاقاً وأنها من أعظم البلاد جمالاً وأفخرها رتبة وجلالاً، مشهرة الفخار، عالية البناء والمنار، ظلّها ضافٍ، وماؤها صافٍ، وسعدها وافٍ، ووردها لعليل النفوس شافٍ، وأنوارها مشرقة، وأزهارها مؤنقة، وأنهارها غدقة، وأشجارها مثمرة مورقة، ... ثم أبدع في وصفها، إلى أن ذكر شعراً في حلب وأهلها لابن الشيخ محي الدين وهو سعد الدين محمّد، الذي سنذكره بعد قليل، حيث يقول:

حَلَبٌ تَفُقُّ بِمائِها وَهَوائِها
نُورُ الغَزالّةِ[1] دُونَ نورِ رَحابِها
طَلَعَتْ نُجُومُ النَصـرِ مِن أَبْراجِها
وَالسُورُ باطِنُهُ فَفِيهِ رَحْمَةٌ
بَلَدٌ يَظَلُّ بِهِ الغَرِيبُ كَأنَّهُ

وَبِنائِها وَالزُهْرِ مِنْ أَبنائِها
وَالشهْبُ تَقْصُـرُ عَنْ مَدى شُهْبانِها
فَبُرُوجُها تَحْكي بُرُوجَ سَمائِها
وَعَذابُ ظاهِرِهِ عَلَى أعْدائِها
فِي أهْلِهِ فاسْمَعْ جَمِيلَ ثَنائِها

الحكم الأيوبي في حلب

وقد توالى على حكم حلب أربعة ملوك أيوبين في الفترة التي سبقت دخول الشيخ محي الدين لها وخلال وجوده فيها وفي دمشق؛ ففي عام 579/1183 تولاّها الملك العادل الأول سيف الدين، ثم في عام 582/1186 الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين، الذي كان لا يرفض طلبا للشيخ الأكبر ويجلّه ويقدّره، وكان مرهف الحسّ ضابطاً جمّاعاً للأموال شديد الانتقام محسناً للقضاة، وقبل أن يتوفى سنة 613/1216 عهد بالملك لابنه الصغير محمد بن الظاهر وهو ابن ثلاث سنين ولقبه "العزيز غياث الدين" وجعل أتابكه وكافله وخادمه طغرلبك ولقبه "شهاب الدين"‏، فأحسن كفالة الولد وعدل في سيرته وضبط الإيالة بجميل نظره.‏[2]



[1] الغزالة هنا أحد أسماء الشمس.

[2] تاريخ العلامة ابن خلدون (المسمى: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، العلامة عبد الرحمن بن خلدون المغربي، دار الكتاب المصري-القاهرة، 1999: ج10ص746.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!