الشيخ أبو شجاع الأصفهاني (مكة 598/1201)

عندما وصل الشيخ محي الدين إلى مكة لقي بها الشيخ أبا شجاع زاهر بن رستم بن أبي الرجا الأصفهاني[1] (توفي 609/1212) وهو إمام المقام الإبراهيمي في الحرم الشريف والذي كان على ما يبدو يلقي دروسا في الحديث الشريف هناك، فكان هناك صحبة وعلاقة وثيقة بينه وبين الشيخ محي الدين الذي سمع عليه كتاب سنن الترمذي وغيره من كتب الحديث. ويذكر صاحب "الرياض النضرة في مناقب العشرة" أن الشيخ أبا شجاع له كتاب اسمه "نزهة الناظر".[2]

وكذلك كانت فخر النساء أخت الشيخ أبي شجاع عالمة جليلة لا تزال تهتم بالعلم والحديث النبوي وروايته رغم عمرها المتقدم، فبعث إليها الشيخ محي الدين يطلب أن يسمع عنها ما ترويه من الحديث، فاعتذرت في بداية الأمر بسبب تقدم سنّها وانشغالها بالعبادة، فأرسل لها الشيخ محي الدين بيتاً من الشعر يقول لها:

فأذنَت لأخيها الشيخ أبي شجاع أن يكتب للشيخ محي الدين إجازة عامة في جميع رواياتها.[3] وقد نقل عنها بعض الروايات في كتاب "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار".[4]

وقد روى الشيخ محي الدين في الفتوحات المكية أيضاً العديد من الأحاديث عن أبي شجاع مثل حديث انقطاع الرسالة والنبوة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنه ما بقي من النبوة إلا المبشرات،[5] والحديث عن الدجال،[6] وغيره من الأحاديث.[7]

ولكن علاقة الشيخ أبي شجاع مع الشيخ محي الدين لم تتوقف على الصحبة العلمية بل ربما أصبحت علاقة عائلية طويلة الأمد وكان لها أثر كبير على إنتاج الشيخ محي الدين العلمي والأدبي، وذلك من خلال ابنته التي كان يُلقبها بعين الشمس والبهاء وتدعى نظام.

نظام

[1] شذرات الذهب في أخبار من ذهب، أبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي، دار المسيرة-بيروت، 1979: ج5ص37.

[2] "الرياض النضرة في مناقب العشرة"، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق: عيسى بن عبد الله بن محمد بن مانع الحميري، دار الكتب العلمية-بيروت، 1996: ج1ص2.

[3] ترجمان الأشواق: ص7.

[4] محاضرة الأبرار: ج1ص444.

[5] الفتوحات المكية: ج2ص376.

[6] الفتوحات المكية: ج3ص330.

[7] الفتوحات المكية: ج2ص407.