قويم إذا حادت مقاصد مثله | *** | عن المرتبة العليا فخانهم الحدّ1 |
أقاموا براهين العدالة عنده | *** | فقولهم قول وحدهم حدّ |
وحال لهم في كل غيب ومشهد | *** | مذاق عزيز طعمه العسل الشهد |
وذلك عن وحي من اللّه واصل | *** | إلى النحل فانظر فيه يا أيها العبد |
فإن كان إلهاما من اللّه إنه | *** | هو الغاية القصوى إلى نيلها تعدو |
فما فيه من ترك استناد معنعن | *** | ومن كان هذا علمه جاءه السعد |
فليس له إلا الغيوب شهادة | *** | ومن كان هذا حاله ما له حد |
تجنب براهين النهى إنها عمى | *** | إلى جنب ما قلنا فقربكم البعد |
لو أنّ الذي قلناه يقدر قدره | *** | لنوديت بين الناس يا سعد يا سعد |
كما جاء من أسرى إليه به على | *** | براق الهدى نحو الذي قلت يشتدّ2 |
ومنه أخذنا علمه بشهادة | *** | من الذوق ذقناها وشاهدنا الوجد |
إلى كل خير سابقا ومسارحا | *** | وقد جاء في القرآن أنوارها تبدو |
أروح عليها بكرة وعشية | *** | بشوق إلى تحصيلها وكذا أغدو |
ألا إنّ بذل الوسع في اللّه واجب | *** | ودار الذي ما من صداقته بدّ |
وليس سوى النفس التي عابد لها | *** | وكلنت من الأعدا لمن حاله الرشد |
تعبدت يا هذا بكل فضيلة | *** | وأنت لها أهل إذا حصل الجهد |
وساعدك التقوى فنلت بها المنى | *** | ولكن إذا أعطاك من ذاته الجدّ |
إذا جاءك الوفد الكريم مغلسا | *** | وساعده من عند مرسله الرفد3 |
فذلك بشرى منه إنك مجتبى | *** | وإن لك الزّلفى كما أخبر الوفد4 |
وما الوفد إلا رسله وكتابه | *** | وليس لما جاءت به رسله ضدّ |
يقاومه فاعلم بأنك واصل | *** | إليه ولا هجر هناك ولا صد |
فواصل ذوي الأرحام مما منحته | *** | وإن أنت لم تفعل فذلكم الطرد |
وحاذر من الجود الإلهيّ إنه | *** | له المكر في تلك المنائح والردّ |
فلو كان عن ربّ لكان مخلصا | *** | كما يحلم الشطرنج أن يحكم النرد |
ألا إنها الأفلاك في حكمها بها | *** | قد أودع فيها اللّه من علمه تعدو |
على كل مخلوق وإن قضاءه | *** | عليه به فاحمد فمن شانك الحمد |
1) الحد: أي الفصل بينك وبينه.
2) البراق: الدابة التي حملت النبي صلى اللّه عليه وسلم من البيت الحرام إلى بيت المقدس، ليلة الإسراء والمعراج.
3) الرّفد: العطاء.4) الزّلفى: القربة.