The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[مطلب في بيان كشف العالم الحسي ]

وهو كشفك العالم الحسي الغائب عنك، فلا تحجبك الجدران والظلمات

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

للحق من لا إرادة له في غير الحق ( ولا تعلق الهمة بغيره ) أي بغير الحق ( ولو عرض عليك كل ما في الكون فخذه بأدب ) والأدب في الأخذ هو أن لا تأخذ إلا ما أمرت بأخذه وإذا أخذته فلا تأخذه من حيث إنه سوى الحق فإنك تخسر بالتوجه إليه، وإن خيرت بين الأخذ والترك، فاختر الترك فإنه أولى من الأخذ عند التخيير على الإطلاق، بالنسبة إلى كل شخص سواء كان من أهل البدايات أو أصحاب النهايات ( ولا تقف عنده ) أي عندما أخذته عن الأمر الرباني ( وصمم على طلبك ) للحق وتوجهك إليه ( فإنه ) ما يعرض عليك المملكة حتى تتوجه إليها وتعرض عنه، وإنما عرضها عليك حتى ( يبتليك ) أي يختبرك هل تقف مع غيره أو لا تلتفت إلا إليه، فإن وقفت مع غيره طردك عن بابه بنفس وقوفك مع غيره، وإن لم تقف قربك إلى جنابه وهو عين عدم وقوفك مع غيره ( ومهما وقفت مع شيء ) من الأشياء التي يعرضها عليك ( فاتك ) الحق أو ذلك الشيء والأول أظهر ( وإذا حصلته لم يفتك شيء ) لأنه عين كل شيء.

( فإذا عرفت هذا ) الذي أشرنا إليه وتحققته ( فاعلم أن اللّه تعالى يبتليك ) أي يختبرك ( بما يعرضه عليك ) من كونه ( فأول ما يفتح لك أن أعطاك الأمر على الترتيب ) الواقع في نفس الأمر بين الأشياء الآفاقية والأنفسية، فإن خلاف ذلك لا يصح للسالك، وإنما يصح للمجذوب والترتيب الواقع بين الأشياء التي يفتح عليك بها هو ( كما أقوله لك ).

مطلب في بيان كشف العالم الحسي ( وهو ) أي أول ما يفتح عليك ( كشفك العالم الحسي ) وهو جميع عالم الأجسام ولوازمها ( الغائب عنك ) على حسب العادة لبعده أو لاحتجابه، وإذا حصل لك هذا الكشف ( فلا تحجبك الجدران والظلمات ) والبعد

"***"

عما يفعله الخلق في بيوتهم، إلا أنه يجب عليك التحفظ أن لا تكشف سر أحد عند أحد إذا أطلعك اللّه عليه، فإن بحت به، وقلت هذا زان، وهذا شارب، وهذا سارق، وهذا مغتاب، فاتهم نفسك، فإن الشيطان قد دخل عليك، فتحقق باسم الستّار. وإن جاءك ذلك الشخص فانهه ما بينك وبينه على الستر، وأوصه أن يستحي من اللّه، ولا يتعدى حدود اللّه، واله عن ذلك الكشف جهد طاقتك، واشتغل بالذكر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

( عما يفعله الخلق في بيوتهم إلا أنه يجب عليك التحفظ أن لا تكشف سر أحد عند أحد إذا أطلعك اللّه عليه ) فإن اللّه تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ومع هذا ستر قبائح عباده في الدنيا وفي الآخرة، وظهر ذلك في جميع الشرائع، ومن تأمل في شهود الزنا وعدتهم وشروط شهادتهم علم قطعا أن اللّه تعالى ما أراد بذلك إلا الستر على عبده العاصي، وذلك لسر يعلمه أهل طريقتنا ( فإن بحت به وقلت هذا زان، وهذا شارب ) مسكرا ( وهذا سارق، وهذا مغتاب، فاتهم نفسك ) بذنب عظيم عند اللّه تعالى، وهو هتك أستار الخلق التي ندب اللّه تعالى إلى عدم هتكها، ومدح نفسه بذلك، ولا تؤول ذلك بأن تقول: إنما أفعل ذلك غيرة على محارم اللّه تعالى ( فإن الشيطان قد دخل عليك ) بهذا التأويل واستخفك به فأطعته فلا تأمن منه فإنه يظهر الباطل بصورة الحق والحق بصورة الباطل ولا يخلص من تلبيسه إلا من له قدم راسخة في العلم الإلهي، وأكثر أهل الطريق هلكوا من تدليسه وما نجي منهم إلا من رحمه اللّه بأن حققه بعبوديته حتى صار من عباد اللّه الذين ليس للشيطان عليهم سلطان، فإذا دخل عليك الشيطان بهذا التأويل ( فتحقق باسم ) اللّه ( الستّار ) وتخلق به واجعله صفة لك ( وإن جاءك ذلك الشخص ) الذي رأيته في كشفك قد تعدى حرمات اللّه تعالى ( فانهه ) عن ذلك بلطف ورحمة، وتجنب في نصحك له الفظاظة والغلظة فإنها تورث العداوة وتوجب عدم قبوله لقولك، وليكن ذلك ( ما بينك وبينه على الستر ) فإن النصح في الملأ تقريع، وقل أن يخلو الناصح في الملأ من العجب والتكبر والنفاسة وهي من أقبح الذنوب فهو كمن قال اللّه تعالى في حقه أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ( وأوصه أن يستحي من اللّه ) فإن اللّه تعالى معه أينما كان وعلى أي حالة كان ( ولا يتعدى حدود اللّه ) فإنه من يتعدى حدود اللّه هلك ( واله عن ذلك الكشف جهد طاقتك ) فإنه بداية الأمر وتوجه إلى اللّه تعالى بالمراقبة ( واشتغل بالذكر ) حتى يرفعه اللّه عنك.


 

 

البحث في نص الكتاب



Bazı içeriklerin Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!