The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[ مطلب في الرياضة ]

وعليك بالرياضة قبل الخلوة، والرياضة عبارة عن تهذيب الأخلاق وترك الرعونة وتحمل الأذى، فإن الإنسان إذا تقدم فتحه قبل رياضته، فلن يجيء منه رجل أبدا إلا في حكم النادر. فإذا اعتزلت عن الخلق، فاحذر من قصدهم إليك مع إقبالهم عليك، فإنه من اعتزل عن الخلق لم يفتح بابه لقصد الناس إليه، فإن المراد من العزلة ترك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

( فإن كان وهمك تحت سلطانك فخذ الخلوة ) وتوجه إلى اللّه تعالى كمال التوجه واطلب منه أن يوصلك إليه وأن يكون صاحبك في السفر كما أنه الخليفة في الحضر ( ولا تبالي ) بعد هذا بأهوال الطريق ( وعليك بالرياضة قبل الخلوة ) حتى تصفو نفسك من الكدورات وتدخل الخلوة وأنت مستريح من المجاهدة فارغ من المكابدة للمشاهدة والمراقبة والتوجه.

مطلب في الرياضة ( والرياضة عبارة عن تهذيب الأخلاق ) أي تنقيتها وتطهيرها مما لا يليق بها. واعلم أنه ما ثم خلق محمود إلا وهو مذموم بالنسبة إلى حال من الأحوال، وكل من قال: إن التخلي عن الأخلاق المذمومة عبارة عن إخراجها بالكلية وعدم استعمالها بوجه من الوجوه فهو جاهل بالحقيقة الإنسانية وبقوله صلى اللّه عليه وسلم:

«خلق اللّه آدم على صورته» «1»، إلا إذا عنى بذلك أن الأخلاق المذمومة عرفا ليست بمذمومة إلا حالة تصريفها فيما لا ينبغي أن تصرف فيه، وأما إذا صرفت فيما ينبغي فهي محمودة، وأن المراد بإخراج الأخلاق الذميمة إخراجها من الحيثية الأولى بالمجاز فإنه من المحققين الأكابر ( وترك الرعونة ) وهي المحق والاسترخاء والعجلة ( وتحمل الأذى ) الذي يصدر عن الخلق والعفو عنهم والاستغفار لهم ( فإن الإنسان إذا تقدم فتحه قبل رياضته فلن يجيء منه رجل أبدا إلا في حكم النادر ) لأن الأخلاق الدنسة والصفات الذميمة واللوازم البهيمية ما انحسمت مادتها من حقيقته، فقد تظهر لوازمها بعد الفتح فتطفي نوره لأنه ما تمكن في محله لأنه كدر غير صاف بسبب تلك الأخلاق الردية وقد لا تظهر وهو قليل جدّا ( فإذا اعتزلت عن الخلق فاحذر من قصدهم إليك مع إقبالهم عليك فإنه من اعتزل عن الخلق لم يفتح بابه لقصد الناس إليه، فإن المراد من العزلة ترك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

( 1 ) هذا الحديث سبق تخريجه.

"***"

الناس ومعاشرتهم، وليس المراد من ترك الناس ترك صورهم، وإنما المراد أن لا يكون قلبك، ولا أذنك وعاء لما يأتون به من فضول الكلام، فلا يصفو القلب من هذيان العالم إلا بالبعد عنهم، فكل من اعتزل في بيته وفتح باب قصد الناس إليه، فإنه طالب رياسة وجاه، مطرود عن باب اللّه، والهلاك إلى مثل هذا أقرب من شراك نعله، فاللّه اللّه تحفظ من تلبيس النفس في هذا المقام، فإن أكثر الخلق هلكوا فيه، فأغلق بابك دون الناس، وكذلك باب بيتك بينك وبين أهلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الناس ومعاشرتهم وليس المراد من ترك الناس ترك صورهم، وإنما المراد أن لا يكون قلبك ولا أذنك وعاء لما يأتون من فضول الكلام، فلا يصفو القلب من هذيان العالم إلا بالبعد عنهم، فكل من اعتزل في بيته وفتح باب قصد الناس إليه فإنه طالب رياسة وجاه، مطرود عن باب اللّه، والهلاك إلى مثل هذا أقرب من شراك نعله، فاللّه اللّه تحفّظ من تلبيس النفس في هذا المقام فإن أكثر الخلق هلكوا فيه ) فإن النفس تظهر الباطل بصورة الحق وتلبسه به وإذا أردت العزلة ( فأغلق بابك دون الناس ) حتى لا يأتوا إليك ويمنعونك من المراد من العزلة ( وكذلك ) أغلق ( باب بيتك ) الذي تعتزل فيه ( بينك وبين أهلك ) فإن ضررهم المتعدي إليك أشد من ضرر الأجانب، وفي نسخة:

وكذلك باب بيتك دونك بينك وبين أهلك، وفيه إشارة حسنة وهي أن المعتزل كما يجب عليه أن يعتزل عن الناس بقلبه ولبه لربه كذلك يجب عليه أن يعتزل عن نفسه فلا يرى لنفسه تحققا ولا وجودا بل يراها معدومة العين موهومة الحكم، وإذا غلب عليه هذا الحال بالنسبة إلى نفسه تخلى عن كل ما سوى اللّه لا محالة، ويجوز أن يكون المراد بالأهل القوى والجوارح الظاهرة والباطنة وبالبيت القلب.

واعلم أن المراد من العزلة التي هي مقدمة الخلوة ليس إلا تمرين النفس على الانفراد وقلة الطعام والمنام والكلام وحفظ القلب من الخواطر المشتتة المتعلقة بالأكوان لا مطلق الخواطر،

لأن حقيقة النفس تعطي أن لا تكون خالية من صورة في آن من الآنات لأنها مخلوقة على الصورة وهو سبحانه كل يوم هو في شأن واليوم الثاني هو الآن،

فمن المحال أن تنتفي خواطر النفس بالكلية إذ لو انتفت لا نعدمت النفس، وهنا سر جليل فتش عليه فإنك إن وجدته علمت ما يراد منك،

وإذا كان الأمر كما ذكرنا فمراد الطائفة بنفي الخواطر نفي الخواطر الكونية وتعلق القلب بالجناب الإلهي لا غير، وإذا تحكم فيهم هذا الإقبال والأعراض فأي خاطر خطر لهم جزموا بحقيقته لأنه لا تعمل لهم في حصوله، ومن كان مع اللّه بالمراقبة التامة والتوجه الكامل فليس للشيطان عليه

"***"


 

 

البحث في نص الكتاب



Bazı içeriklerin Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!