موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى مقام التوكل
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 200 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الممكنين اعتمدنا عليه في ذلك على التعيين وصدقناه لأنه بالدليل والعلم النظري فعلم صدقه فسكوننا وعدم اضطرابنا عند فقد الأسباب إنما هو من إيماننا بضمانه فلو بقينا مع العلم اضطربنا فالعالم إذا سكن فمن كونه مؤمنا وكونه مؤمنا من كونه عالما بصدق الضامن‏

[الوكالة من يستحقها الله أم العالم أم لكل منهما نصيب‏]

وتحقيق الوكالة من يستحقها هل الله أو هل العالم أو هل لله منها نصيب وللعالم نصيب فاعلم إن الوكالة لا تصح إلا في موكل فيه وذلك الموكل فيه أمر يكون للموكل ليس لغيره فيقيم فيه وكيلا ويتصرف فيما للموكل أن يتصرف فيه مطلقا فمن نظر أن الأشياء ما عدا الإنسان خلقت من أجل الإنسان كان كل شي‏ء له فيه مصلحة يطلبها بذاته ملكا له ولما جهل مصالح نفسه ومصالحه ما فيها سعادته خاف من سوء التصرف في ذلك وقد ورد فيما أوحى الله لموسى يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي‏

[حظ الناظر الأول في تحقيق الوكالة ومن يستحقها]

فقال إذ وقد خلق الأشياء من أجلي فما خلق إلا ما يصلح لي وأنا جاهل بالمصلحة التي في استعمالها نجاتي وسعادتي فلنوكله في أموري فهو أعلم بما يصلح لي فكما أنه خلقها هو أولى بالتصرف فيها هذا يقتضيه نظري وعقلي من غير إن يقترن بذلك أمر إلهي فكيف وقد ورد به الأمر الإلهي فقال لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا نبه بهذا الأمر أنه لا ينبغي الوكالة إلا لمن هو إله لأنه عالم بالمصالح إذ هو خالقها كما قال أَ لا يَعْلَمُ من خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فاتخذه المؤمن العالم وكيلا وسلم إليه أموره وجعل زمامها بيده كما هو في نفس الأمر فما زاد شيئا مما هو الأمر عليه في الوجود ومدحه الله بذلك وما أثر في الملك شيئا وهذا غاية الكرم الثناء بالأثر على غير المؤثر بل الكل منه وإليه فهذا حظ الناظر الأول‏

[حظ الناظر الثاني في تحقيق الوكالة ومن يستحقها]

والناظر الثاني هو أن يقول ما خلق الله الأشياء من أجل الأشياء وإنما خلقها ليسبحه كل جنس من الممكنات بما يليق به من صلاة وتسبيح لتسري عظمته في جميع الأكوان وأجناس الممكنات وأنواعها وأشخاصها فقال كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وتَسْبِيحَهُ وقال وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فالكل له تعالى ملك وإذا كان الأمر على هذا ولم يخلق على الصورة الإلهية سوانا ووصف نفسه بالغيب عن الأشياء وأسدل الحجب بينها وبين أن ندركه فهو يدركها ولا تدركه لأنها لا تعرفه فأقام الإنسان خليفة وهو الوكيل فقال وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فحد لنا في الوكالة أمورا لا نتعداها فما هي وكالة مطلقة مثل ما وكلناه نحن فحد حدودا لنا إن تعديناها تعدينا حدود الله ومن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ‏

[حظ الناظر الثالث في تحقيق الوكالة ومن يستحقها]

وعلى النظر الأول جاء القرآن كله فإنه ما قال إلا توكلوا وقال المتوكلون فرجح النظر الأول وهو أن نتخذ وكيلا في المصلحة لنا لا في الأشياء فيجمع بين النظرين وهي حالة ثالثة شهدناها وما رأيناها لأحد من طريقتنا فقلنا إنه خلق الأشياء له لا لنا وأَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ومن خلقنا افتقارنا إلى ما يكون به صلاحنا حيث كنا من دنيا وآخرة ولا نعلم طريقنا إلى المصلحة لأنه ما خلق الأشياء من أجلنا فوكلناه ليسخر لنا من هذه الأشياء ما يرى فيه المصلحة لنا امتنانا منه وامتثالا لأمره فنكون في توكلنا عليه عبيدا مأمورين ممتثلين أمره نرجو بذلك خيره فوقع التوكل في المصالح لا في عين الأشياء وهذا برزخ دقيق لا يشعر به كل أحد للطافته وهو جمع بين الاثنين وتثبيت للحكمين وإن كان قد تكلم أهل هذا المقام فيه وما من أحد منهم إلا نزع لأحد الطرفين من غير جمع بينهما

[حالات المتوكلين العارفين مع وكيلهم وهو الله رب العالمين‏]

فالرجال المنعوتون بهذا المقام منهم من يكون بين يدي الله فيه كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء ولا يعترض عليه في شي‏ء ومنهم من حالته فيه حال العبد مع سيده في مال سيده ومنهم من حاله فيه حال الولد مع والده في مال ولده ومنهم من حاله فيه حال الوكيل مع موكله بجعل كان أو بغير جعل‏

[التوكل لا يصح في الإنسان على الإطلاق على الكمال‏]

والذي عليه المحققون وبه نقول إن التوكل لا يصح في الإنسان على الإطلاق على الكمال لأن الافتقار الطبيعي بحكم ذاته فيه والإنسان مركب من أمر طبيعي وملكوتي ولما علم الحق أنه على هذا الحد وقد أمر بالتوكل وما أمر به إلا وهو ممكن الاتصاف به وقد وصف نفسه بالغيرة على الألوهية فأقام نفسه مقام كل شي‏ء في خلقه إذ هو المفتقر إليه بكل وجه وفي كل حال فقال يا أيها الناس وما خص مؤمنا ولا غيره أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فما افتقرتم إليه من الأشياء هو لنا وبأيدينا وما هو لنا فما يطلب إلا منا فإلينا الافتقار لا إليه إذ هو غير مستقل إلا بنا

[الأحوال التي يصح اتصاف التوكل بها]

وليكن للتوكل أحوال يصح الاتصاف بها بها يسمى توكلا وبلغني عن واحد من أهل طريق الله أنه قال بما أشرنا إليه في هذه المسألة متنا وما شممنا لهذا التوكل رائحة لأنه يطلب سريانه في الكل للافتقار الطبيعي الذي فيه والتوكل مقام لا يتبعض إلا بالمجاز ونحن أهل‏


مخطوطة قونية
4110
4111
4112
4113
4114
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 200 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!