موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة عدد ما يحصل من الأسرار للمشاهد عند المقابلة والانحراف وعلى كم ينحرف من المقابلة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 21 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة *** والأذن تعشق قبل العين أحيانا

فلا خفاء فيما بينهم من المنازل وما من مقام من المقامات وإلا وأهله فيه بين فاضل ومفضول وهؤلاء الأحباب علامتهم الصفاء فلا يشوب ودهم كدر أصلا ولهم الثبات على هذه القدم مع الله وهم مع الكون بحسب ما يقام فيه ذلك الكون من محمود ومذموم شرعا فيعاملونه بما يقتضيه الأدب فهم يوالون في الله ويعادون في الله تعالى فالموالاة من حيث وجود المكون والمعاداة والذم من حيث عين المتكون لا من حيث ما اتصف به من الكون لأن الكون كون الله فهم يحكمون ولا يحكمون قد مكنهم الله من أنفسهم وأقامهم في حضرة الأدب فهم الأدباء الجامعون للخيرات‏

يقول الله تعالى فيمن ادعى هذا المقام يا عبدي هل عملت لي عملا قط فيقول العبد يا رب صليت وجاهدت وفعلت وفعلت ويصف من أحوال الخير فيقول الله له ذلك لك فيقول العبد يا رب فما هو العمل الذي هو لك فيقول هل واليت في وليا أو عاديت في عدوا

وهذا هو إيثار المحبوب قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وقال لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ من حَادَّ الله ورَسُولَهُ ولَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ (أَبْناءَهُمْ أَوْ) إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ فهم أهل التأييد والقوة

ورد في الخبر الصحيح وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتباذلين في والمتزاورين في‏

[المحدثون وهم صنفان‏]

ومنهم رضي الله عنهم المحدثون وعمر بن الخطاب رضي الله عنه منهم وكان في زماننا منهم أبو العباس الخشاب وأبو زكرياء البجاى بالمعرة بزاوية عمر بن عبد العزيز بدير النقيرة وهم صنفان صنف يحدثه الحق من خلف حجاب الحديث قال تعالى وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ وهذا الصنف على طبقات كثيرة والصنف الآخر تحدثهم الأرواح الملكية في قلوبهم وأحيانا على آذانهم وقد يكتب لهم وهم كلهم أهل حديث فالصنف الذي تحدثه الأرواح الطريق إليه بالرياضات النفسية والمجاهدات البدنية بأي وجه كان ومن كان فإن النفوس إذا صفت من كدر الوقوف مع الطبع التحقت بعالمها المناسب لها فأدركت ما أدركت الأرواح العلى من علوم الملكوت والأسرار وانتقش فيها جميع ما في العالم من المعاني وحصلت من الغيوب بحسب الصنف الروحاني المناسب لها فإن الأرواح وإن جمعهم أمر واحد فلكل روح مقام معلوم فهم على درجات وطبقات فمنهم الكبير والأكبر كجبريل وإن كان من أكابرهم فميكائيل أكبر منه ومنصبه فوق منصبه وإسرافيل أكبر من ميكائيل وجبريل أكبر من إسماعيل فالذي على قلب

إسرافيل منه يأتي الإمداد إليه وهو أعلى من الذين هم على قلب ميكائيل فكل محدث من هؤلاء يحدثهم الروح المناسب لهم وكم من محدث لا يعلم من يحدثه فهذا من آثار صفاء النفوس وتخليصها من الوقوف مع الطبع وارتفاعها عن تأثير العناصر والأركان فيها فهي نفس فوق مزاج بدنها وقع قوم بهذا القدر من الحديث ولكن ما هو شرط في السعادة الإيمانية في الدار الآخرة لأنه تخليص نفسي فإن كان هذا المحدث أتى جميع هذه الصفات التي أوجبت له التخليص من الطبع بالطريقة المشروعة والاتباع النبوي والايمان الجزم اقترنت بالحديث السعادة فإن انضاف إلى ذلك الحديث الحديث مع الرب من الرب تعالى إليهم كان من الصنف الأول الذي ذكرنا أنه على طبقات في الحديث قال بعضهم‏

يا مؤنسي بالليل إن هجع الورى *** ومحدثي من بينهم بنهار

فذكر هذا القائل أن حديثه مع الله وحديث الله معه إنه من بينيتهم لا أنه كلمه على ألسنتهم قال تعالى نُودِيَ من شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ في الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ من الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى‏ إِنِّي أَنَا الله وقال تعالى وكَلَّمَ الله مُوسى‏ تَكْلِيماً فأكده بالمصدر لرفع الإشكال هذا هو المطلوب بالحديث في هذه الطريقة وأما قوله تعالى فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله فذلك لأهل السماع من الحق في الأشياء لا من بين الأشياء لأن بينية الأشياء عبارة عن النسب وهي أمور عدمية لا وجودية فإذا كان الحديث منها كان بلا واسطة وإذا كان من الأشياء فذلك قوة الفهم عن الله‏

ورد في الخبر الصحيح أن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده‏

فهذا عين قوله فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله والذي نطلبه في هذا الطريق كلام الله من بين الأشياء لا في الأشياء ولا من الأشياء وإن كان هو عين وجود الأشياء فإنه ليس عين الأشياء فالأعيان في الموجودات‏


مخطوطة قونية
3349
3350
3352
3353
3354
3355
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 21 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!