موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الحج وأسراره
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 679 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

( (بسم الله الرحمن الرحيم))

[وصل حال المرأة يخالف حال الرجل في أكثر أحكام الحج‏]

واعلم أيضا أن المرأة إنما خالفت الرجل في أكثر الأحكام في الحج لأنها جزء منه وإن اجتمعا في الإنسانية ولكن تميزا بأمر عارض عرض لهما وهو الذكورية للرجل والأنوثة للمرأة

[محبة الرجل للمرأة ومحبة المرأة للرجل‏]

وخلقت منفعلة عنه ليحن إليها حنين من ظهرت سيادته بها فهو يحبها محبة من أعطاه درجة السيادة وهي تحن إليه وتحبه حنين الجزء إلى الكل وهو حنين الوطن لأنه وطنها مع ما يضاف إلى ذلك من كون كل واحد موضعا لشهوته والتذاذه وقد تبلغ المرأة في الكمال درجة الرجال وقد ينزل الرجل في النقص إلى ما هو أقل من درجة النقص الذي للمرأة وقد يجتمعان في أحكام من العبادات ويفترقان‏

[الغالب فضل عقل الرجل على عقل المرأة]

غير أن الغالب فضل عقل الرجل على عقل المرأة لأنه عقل عن الله قبل عقل المرأة لأنه تقدمها في الوجود والأمر الإلهي لا يتكرر فالمشهد الذي حصل للمتقدم لا سبيل أن يحصل للمتأخر لما قلنا من أنه تعالى لا يتجلى في صورة مرتين ولا لشخصين في صورة واحدة للتوسع الإلهي وهذه هي الدرجة التي يزيد بها الرجل على المرأة وأين الكل من الجزء وإن لحقه في الكمال ولكنه كمال خاص كما لحق بعض أعضاء الإنسان إذا قطع في الدية تلف الإنسان في كمالها وبعض الأعضاء على النصف من ذلك وأقل فما كل جزء يلحق بالكل في كل الدرجات‏

[خلق الرجل وخلق المرأة]

فحرم المخيط على الرجل في الإحرام ولم يحرم على المرأة فإن الرجل وإن كان خلق من مركب فهو من البسائط أقرب فهو أقرب الأقربين والمرأة خلقت من مركب محقق فإنها خلقت من الرجل فبعدت من البسائط أكثر من بعد الرجل والمخيط تركيب فقيل لها ابقي على أصلك وقيل للرجل ارتفع عن تركيبك فأمر بالتجرد عن المخيط ليقرب من بسيطه الذي لا مخيط فيه وإن كان مركبا فإنه ثوب منسوج ولكنه أقرب إلى الهباء منه من القميص والسراويل وكل مخيط والهباء بسيط فما قرب منه عومل بمعاملته وما بعد عنه تميز في الحكم عن القريب‏

[خلق البنون من امتزاج الأبوين لا من واحد منهما]

ثم إن الرجل وهو آدم خلق على صورته وخلقت حواء على صورة آدم وخلق البنون من امتزاج الأبوين لا من واحد منهما بل من المجموع حسا ووهما فكان استعداد الأبناء أقوى من استعداد الأبوين لأن الابن جمع استعداد الاثنين فكمال الابن الكامل أعظم من كمال الأب ولهذا اختص محمد صلى الله عليه وسلم بالكمال الأتم لكونه ابنا وكل ابن في النشأة له هذا الكمال غير أنهم في الكمال يتفاضلون لأجل الحركات العلوية والطوالع النورانية والاقترانات السعادية فما كل ابن له هذا الكمال الثاني الزائد على نشأته فهذه دقيقة أخرى يعطيها الوجه الخاص الإلهي في التجلي للسبب الذي يكون عنه هذا الابن يعين ذلك الوجه اسم إلهي يكون في الكمال الإحاطي أكمل من غيره من الأسماء كالعالم فإنه أتم في الإحاطة من سائر الأسماء بما لا يتقارب‏

[خلق عيسى وآدم وحواء]

فمن كان ذا أب وأم واسم إلهي إحاطي خاص رفيع الدرجات كان أكمل ممن كان ذا أب وأم واسم إلهي دونه في الإحاطة والدرجة ومن كان عن أم وأب متوهم مثالي أشبه جده لأمه إذ لا أب له مثل عيسى عليه السلام فصفته صفة جده آدم في صدوره عن الأمر بذا ورد التعريف الإلهي فقال إِنَّ مَثَلَ عِيسى‏ عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ أي الاسم الإلهي الذي وجد عنه آدم وجد عنه عيسى خَلَقَهُ من تُرابٍ الضمير يعود على آدم فعيسى أخ لحواء وهو ابن بنتها ومن كان عن أب دون أم قصر عن درجة أبيه كحواء خلقت من القصيري فقصرت وعوجها استقامتها فانحناؤها حنوها على أبنائها وعلى ما له من الخزائن مثل انحناء الأضلاع على ما في الجوف من الأحشاء والأمعاء المختزنة فيه لصلاح صاحبه فاعوجاجها عين استقامتها التي أريدت له ولهذا اعوجاج القوس عين استقامته فإن رمت أن تقيمه على الاستقامة الخطية المعلومة كسرته فلم تبلغ أنت بالاستقامة التي تطلبها منه غرضك الذي تؤمله وهذا لجهلك بالاستقامة اللائقة به‏

[ما في العالم إلا مستقيم عند العلماء بالله‏]

فما في العالم إلا مستقيم عند العلماء بالله الواقفين على أسرار الله في خلقه فإنه قد بين لنا ذلك في قوله تعالى أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ وهو عين كمال ذلك الشي‏ء فما نقصه شي‏ء وسبب ذلك كوننا مخلوقين على من له الكمال المطلق فأشبهنا في التقييد بإطلاقه فإن الإطلاق تقييد بلا شك إذ به يميز عن المقيد فما يصدر عن الكامل شي‏ء إلا وذلك على كماله اللائق به فما في العالم ناقص أصلا ولو لا الأعراض التي تولد الأمراض لتنزه الإنسان في صورة العالم كما يتنزه العالم ويتفرج فيه فإنه بستان الحق والأسماء ملاكه بالاشتراك فكل اسم له فيه حصة فهذا الذي تعطيه الحقائق فالكمال للأشياء وصف ذاتي والنقص أمر عرضي وله كمال في ذاته‏


مخطوطة قونية
2915
2916
2917
2918
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 679 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!