موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى مراتب أهل النار
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 303 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

يقول الله تعالى تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ من عِبادِنا من كانَ تَقِيًّا فهذه الجنة التي حصلت لهم بطريق الورث من أهل النار الذين هم أهلها إذ لم يكن في علم الله أن يدخلوها ولم يقل في أهل النار إنهم يرثون من النار أماكن أهل الجنة لو دخلوا النار وهذا من سبق الرحمة بعموم فضله سبحانه فما نزل من نزل في النار من أهلها إلا بأعمالهم ولهذا يبقى فيها أماكن خالية وهي الأماكن التي لو دخلها أهل الجنة عمروها فيخلق الله خلقا يعمرونها على مزاج لو دخلوا به الجنة تعذبوا وهوقوله صلى الله عليه وسلم فيضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط

أي حسبي حسبي فإنه تعالى يقول لها هَلِ امْتَلَأْتِ فتقول هَلْ من مَزِيدٍ فإنه قال للجنة والنار لكل واحدة منكما ملؤها فما اشترط لهما إلا أن يملأهما خلقا وما اشترط عذاب من يملأها بهم ولا نعيمهم وإن الجنة أوسع من النار بلا شك فإن عَرْضُهَا السَّماواتُ والْأَرْضُ فما ظنك بطولها فهي للنار كمحيط الدائرة مما يحوي عليه وفي التنزلات الموصلية رسمناها وبيناها على ما هي عليه في نفسها في باب يوم الإثنين والنار عرضها قدر الخط الذي يميز قطري دائرة فلك الكواكب الثابتة فأين هذا الضيق من تلك السعة وسبب هذا الاتساع جنات الاختصاص الإلهي‏

فورد في الخبر أنه يبقى أيضا في الجنة أماكن ما فيها أحد فيخلق الله خلقا للنعيم يعمرها بهم‏

وهو أن يضع الرحمن فيها قدمه وليس ذلك إلا في جنات الاختصاص فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فمن كرمه أنه تعالى ما أنزل أهل النار إلا على أعمالهم خاصة

[الأئمة المضلون‏]

وأما قوله تعالى زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ فذلك لطائفة مخصوصة وهم الأئمة المضلون يقول تعالى ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وهم الذين أضلوا العباد وأدخلوا عليهم الشبه المضلة فحادوا بها عن سواء السبيل فضلوا وأضلوا وقالوا لهم اتَّبِعُوا سَبِيلَنا ولْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ يقول الله وما هُمْ بِحامِلِينَ من خَطاياهُمْ من شَيْ‏ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في هذا القول بل هم حاملون خطاياهم والذين أضلوهم يحملون أيضا خطاياهم وخطايا هؤلاء مع خطاياهم ولا ينقص هؤلاء من خطاياهم من شي‏ء

يقول صلى الله عليه وسلم من سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها دون أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئا

فهو قوله ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً فهؤلاء قيل فيهم زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ فما أنزلوا من النار إلا منازل استحقاق بخلاف الجنة فإن أهل الجنة أنزلوا فيها منازل استحقاق مثل الكفار في النار بأعمالهم وأنزلوا أيضا منازل وراثة ومنازل اختصاص وليس ذلك في أهل النار

[فضل الله ورحمته على أهل النار في نفس النار]

ولا بد لأهل النار من فضل الله ورحمته في نفس النار بعد انقضاء مدة موازنة أزمان العمل فيفقدون الإحساس بالآلام في نفس النار لأنهم ليسوا بخارجين من النار أبدا فلا يموتون فيها ولا يحيون فتتخدر جوارحهم بإزالة الروح الحساس منها وثم طائفة يعطيهم الله بعد انقضاء موازنة المدد بين العذاب والعمل نعيما خياليا مثل ما يراه النائم وجلده كما قال تعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ هو كما قلنا خدرها فزمان النضج والتبديل يفقدون الآلام لأنه‏

إذا انقضى زمان الإنضاج خمدت النار في حقهم فيكونون في النار كالأمة التي دخلتها وليست من أهلها فأماتهم الله فيها إماتة فلا يحسون بما تفعله النار في أبدانهم الحديث بكماله ذكره مسلم في صحيحه‏

وهذا من فضل الله ورحمته‏

[أبواب جهنم‏]

وأما أبواب جهنم فقد ذكر الله من صفات أصحابها بعض ما ذكر ولكن من هؤلاء الأربع الطوائف الذين هم أهلها ومن خرج بالشفاعة أو العناية ممن دخلها فقد جاء ببعض ما وصف الله به من دخلها من الأسباب الموجبة لذلك وهي باب الجحيم وباب سقر وباب السعير وباب الحطمة وباب لظى وباب الحامية وباب الهاوية وسميت الأبواب بصفات ما وراءها مما أعدت له ووصف الداخلون فيها بما ذكر الله تعالى في مثل قوله في لظى إنها تَدْعُوا من أَدْبَرَ وتَوَلَّى وجَمَعَ فَأَوْعى‏ وقال ما يقول أهل سقر إذا قيل لهم ما سَلَكَكُمْ في سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ من الْمُصَلِّينَ ولَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ وقال في أهل الجحيم إنه يكذب بِيَوْمِ الدِّينِ وما يُكَذِّبُ به إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ فوصفه بالإثم والاعتداء ثم قال فيهم ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ به تُكَذِّبُونَ وهكذا في الحطمة والسعير وغير ذلك مما جاء به القرآن أو السنة

[المناسبات بين أعمال أهل النار وبين منازلهم في النار]

فهذا قد ذكرنا الأمهات والطبقات وأما مناسبات الأعمال لهذه المنازل فكثيرة جدا يطول الشرح فيها ولو شرعنا في ذلك طال علينا المدى فإن المجال رحب ولكن الأعمال مذكورة ولعذاب عليها مذكور فمتى وقفت على شي‏ء من ذلك وكنت على نور من ربك وبينة فإن الله يطلعك عليه بكرمه والذي شرطنا في هذا


مخطوطة قونية
1218
1219
1220
1221
1222
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 303 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!