موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة جهنم وأعظم المخلوقات فيها عذابا ومعرفة بعض العالم العلوى
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 300 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

أخبار بلا شك عند كل عاقل عارف بالكلام فإن الله أخبرنا أن هذا حرام وهذا حلال ولذا قال تعالى في ذم من قال عن الله ما لم يقل ولا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى الله الْكَذِبَ فإنه ألحق الحكم بالخبر لأنه خبر بلا شك إلا أنه ليس في قوة البشر في أكثر الأشياء إدراك قبح الأشياء ولا حسنها فإذا عرفنا الحق بها عرفناها ومنها ما يدرك قبحه عقلا في عرفنا مثل كالكذب وكفر المنعم وحسنه عقلا مثل الصدق وشكر المنعم وكون الإثم يتعلق ببعض أنواع الصدق والأجر يتعلق ببعض أنواع الكذب فذلك لله يعطي الأجر على ما شاءه من قبح وحسن ولا يدل ذلك على حسن الشي‏ء ولا قبحه كالكذب في نجاة مؤمن من هلاك يؤجر عليه الإنسان وإن كان الكذب قبيحا في ذاته والصدق كالغيبة يأثم بها الإنسان وإن كان الصدق حسنا في ذاته فذاك أمر شرعي يعطي فضله من شاء ويمنعه من شاء كما قال يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏

[مرتبة النفس والتنفس وارتباط الموت بالحياة]

واعلم أن أشد الخلق عذابا في النار إبليس الذي سن الشرك وكل مخالفة وسبب ذلك أنه مخلوق من النار فعذابه بما خلق منه أ لا ترى النفس به تكون حياة الجسم الحساس فإذا منع بالشنق أو الخنق خروج ذلك النفس انعكس راجعا إلى القلب فأحرقه من ساعته فهلك لحينه فبالنفس كانت حياته وبه كان هلاكه وهلاكه على الحقيقة بالنفس من كونه متنفسا لا من كونه ذا نفس ولا من كونه متنفسا فقط بل من كونه يجذب بالقوة الجاذبة نفس الهواء البارد إلى قلبه ويخرج بالقوة الدافعة النفس الحار المحرق آمن قلبه فسبب هذه الأحوال بها تكون حياته‏

[أشد الناس عذابا في النار]

فإن الذي يرمى في النار هو متنفس ولكن لا يخلو من أحد الوجهين إما إنه لا يتنفس في النار فتكون حالته حالة المشنوق الذي يخنق بالحبل فيقتله نفسه وإما أن يتنفس فيجذب بالقوة الجاذبة هواء ناريا محرقا إذا وصل إلى قلبه أحرقه فلهذا قلنا في سبب الحياة هذه الأمور كلها فعذاب إبليس في جهنم بما فيها من الزمهرير فإنه يقابل النار الذي هو أصل نشأة إبليس فيكون عذابه بالزمهرير وبما هو نار مركبة فيه من ركن الهواء والماء والتراب فلا بد أن يتعذب بالنار على قدر مخصوص وعامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه في أصل خلقه والنار ناران نار حسية وهي المسلطة على إحساسه وحيوانيته وظاهر جسمه وباطنه ونار معنوية وهي التي تطلع على الأفئدة وبها يتعذب روحه المدبر لهيكله الذي أمر فعصى فمخالفته عذبته وهي عين جهله بمن استكبر عليه‏

[يوم التغابن: يوم عذاب النفوس‏]

فلا عذاب على الأرواح أشد من الجهل فإنه غبن كله ولهذا سمي يَوْمُ التَّغابُنِ يريد يوم عذاب النفوس فيقول يا ويلتا عَلى‏ ما فَرَّطْتُ وهو يَوْمَ الْحَسْرَةِ يقول يوم الكشف من حسرت عن الشي‏ء إذا كشفت عنه فكأنه يقول يا ليتني حسرت عن هذا الأمر في الدنيا فأكون على بصيرة من أمري فيغتبن في نفسه والتغابن يدرك في ذلك اليوم الكل الطائع والعاصي فالطائع يقول يا ليتني بذلت جهدي ووفيت حق استطاعتي وتدبرت كلام ربي فعملت بمقتضاه مع كونه سعيدا والمخالف يقول يا ليتني لم أخالف ربي فيما أمرني به ونهاني ف ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وسيأتي هذا في باب يوم القيامة إن شاء الله‏

[جهنم: آلام أهلها صفة الغضب الإلهي ووجودها محل التنزل الرحماني‏]

ولما أعلمناك بمرتبة النفس والتنفس إنما جئنا به لتعلم إن جهنم لما اختص بآلام أهلها صفة الغضب الإلهي واختص بوجودها التنزل الرحماني الإلهي وجاء في الخبر الصحيح نفس الرحمن مشعرا بصفة الغضب‏

فكان التنفس ملحقا صفة الغضب بمن حل به ولهذا لما أتى نفس الرحمن من قبل اليمن حل الغضب الإلهي بالكفار بالقتل والسيف الذي وقعت بهم الأنصار فنفس الله بذلك عن دينه ونبيه صلى الله عليه وسلم فإن ذا الغضب إذا وجد على من يرسل غضبه نفس عنه ما يجده من أ لم الغضب وأكمل الصورة في محمد صلى الله عليه وسلم فقام به على الكفار لأجل ردهم كلمة الله صفة الغضب فنفس الرحمن عنه بما أمره به من السيف ونفس عنه بأصحابه وأنصاره فوجد الراحة فإنه وجد حيث يرسل غضبه فافهم من هذا آلام أهل النار والصورة الحجابية المحمدية على الغضب الإلهي على أعداء الله وإن الآلام أرسلت على الأعداء فقامت بهم ونفس الله عن دينه وهو أمره وكلامه وهو عين علمه في خلقه وعلمه ذاته جل وتعالى وقد بينا لك أمر جهنم من حيث ما هي دار فلنبين إن شاء الله في الباب الذي يلي هذا الباب مراتب أهل النار

[دركات جهنم المائة وزبانيتها]

ثم اعلم أن الله قد جعل فيها مائة درك في مقابلة درج الجنة ولكل درك قوم مخصوصون لهم من الغضب الإلهي الحال بهم آلام مخصوصة وأن المتولي عذابهم من الولاة الذين ذكرناهم في الباب قبل هذا من هذا الكتاب القائم والإقليد والحامد


مخطوطة قونية
1207
1208
1209
1210
1211
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 300 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!