موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أسرار أهل الإلهام المستدلين ومعرفة علم إلهى فاض على القلب ففرق خواطره وشتتها
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 288 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

(الباب الثامن والخمسون) في معرفة أسرار أهل الإلهام‏

المستدلين ومعرفة علم إلهي فاض على القلب ففرق خواطره وشتتها

إذا أعطاك بالإلهام علما *** تحققه فأنت به سعيد

كمثل النحل مختلف المعاني *** قوي في مبانيه سديد

فتلقى طيبا عن طيب أصل *** وأنت لحالها أبدا شهيد

وفي الأشجار والشم الرواسي *** لها من فعلها قصر مشيد

فلا تعجزك للعلياء نحل *** وأنت السيد الندب الجليد

فمنك القصد خيرا واختيارا *** كما لك في منازلك القصود

فحقق والتمس علما وحيدا *** كمثلك إنك الخلق الجديد

[معرفة الله من طريقى العقل والنقل‏]

اعلم أيدك الله بروح منه أن الله عز وجل أمرنا بالعلم بوحدانيته في ألوهيته غير أن النفوس لما سمعت ذلك منه مع كونها قد نظرت بفكرها ودلت على وجود الحق بالأدلة العقلية بل بضرورة العقل بعلم وجود الباري تعالى ثم دلت على توحيد هذا الموجود الذي خلقها وأنه من المحال أن يوجد واجبا الوجود لنفسه ولا ينبغي أن يكون إلا واحدا ثم استدلوا على ما ينبغي أن يكون عليه من هو واجب الوجود لنفسه من النسب التي ظهر عنه بها ما ظهر من الممكنات ودل على إمكان الرسالة ثم جاء الرسول وأظهر من الدلائل على صدقه أنه رسول من الله إلينا فعرفنا بالأدلة العقلية أنه رسول الله فلم نشك وقام لنا الدليل العقلي على صدق ما يخبر به فيما ينسب إليه ورآه قد أتى في أخباره عنه تعالى بنسب وأمور كان الدليل العقلي يحيلها ويرمي بها فتوقف العقل وأنهم معرفته وقدح في دليله هذا الإنباء الإلهي بما نسبه لنفسه ولا يقدر على تكذيب المخبر

[معرفة من طريق النقل ليست عين معرفة الله من طريق العقل‏]

ثم كان من بعض ما قال له هذا الشارع اعرف ربك وهذا العاقل لو لم يعلم ربه الذي هو الأصل المعول عليه ما صدق هذا الرسول فلا بد أن يكون العلم الذي طلب منه الرسول أن يعلم به ربه غير العلم الذي أعطاه دليله وهو أن يتعمل في تحصيل علم من الله بالله يقبل به على بصيرة هذه الأمور التي نسبها الله إلى نفسه ووصف نفسه بها التي أحالها العقل بدليله فانقدح له بتصديقه الرسول إن ثم وراء العقل وما يعطيه بفكره أمرا آخر يعطي من العلم بالله ما لا تعطيه الأدلة العقلية بل تحيله قولا واحدا

[المعرفة النقلية وراء طور العقل‏]

فإذا علمه بهذه القوة التي عرف أنها وراء طور العقل هل يبقى له الحكم فيما كان يحيله العقل من حيث فكره أولا على ما كان عليه أم لا يبقى فإن لم يبق له الحكم بأن ذلك محال فلا بد أن يعثر على الوجه الذي وقع له منه الغلط بلا شك وأن ذلك الذي اتخذه دليلا على إحالة ذلك على الله لم يكن دليلا في نفس الأمر وإذا كان هذا فما ذلك الأمر مما هو وراء طور العقل فإن العقل قد يصيب وقد يخطئ وإن بقي للعقل بعد كشفه وتحقيقه لصحة هذا الأمر الذي نسبه الله لنفسه ووصف به نفسه وقبلته عقول الأنبياء وقبله عقل هذا المكاشف بلا شك ولا ريب ومع هذا فإنه يحكم على الله بأن ذلك الأمر محال عقلا من حيث فكره لا من حيث قبوله وحينئذ يصح أن يكون ذلك المقام وراء طور العقل من جهة أخذه عن الفكر لا من جهة أخذه عن الله‏

[عجبا للعقل يتبع فكره ولا يتبع ربه‏]

هذا ومن أعجب الأمور عندنا إن يكون الإنسان يقلد فكره ونظره وهو محدث مثله وقوة من قوى الإنسان التي خلقها الله فيه وجعل تلك القوة خديمة للعقل ويقلدها العقل فيما تعطيه هذه القوة ويعلم أنها لا تتعدى مرتبتها وأنها تعجز في نفسها عن إن يكون لها حكم قوة أخرى مثل القوة الحافظة والمصورة والمتخيلة والقوي التي هي الحواس من لمس وطعم وشم وسمع وبصر ومع هذا القصور كله يقلدها العقل في معرفة ربه ولا يقلد ربه فيما يخبر به عن نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا من أعجب ما طرأ في العالم من الغلط

[حدود آفاق العقل من حيث قواه الظاهرة والباطنة]

وكل صاحب فكر تحت حكم هذا الغلط بلا شك إلا من نور الله بصيرته فعرف إن الله قد أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فأعطى السمع خلقه فلا يتعدى إدراكه وجعل العقل فقيرا إليه يستمد منه معرفة الأصوات وتقطيع الحروف وتغيير الألفاظ وتنوع اللغات فيفرق بين صوت الطير وهبوب الرياح وصرير الباب وخرير الماء وصياح الإنسان ويعار الشاة وثؤاج الكباش وخوار البقر ورغاء الإبل وما أشبه هذه الأصوات كلها ولبس في قوة لعقل من حيث ذاته إدراك‏


مخطوطة قونية
1158
1159
1160
1161
1162
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 288 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!