موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أهل الليل واختلاف طبقاتهم وتباينهم فى مراتبهم وأسرار أقطابهم
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 238 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الفجر

[مسامرة أهل الليل في محاريبهم‏]

فأهل الليل هم الفائزون بهذه الحظوة في هذه الخلوة وهذه المسامرة في محاريبهم فهم قائمون يتلون كلامه ويفتحون أسماعهم لما يقول لهم في كلامه إذا قال يا أَيُّهَا النَّاسُ يصفون ويقولون نحن الناس ما تريد منا يا ربنا في ندائك هذا فيقول لهم عز وجل على لسانهم بتلاوتهم كلامه الذي أنزله اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ‏ءٌ عَظِيمٌ يا أَيُّهَا النَّاسُ يقولون لبيك ربنا يقول لهم اتقوا ربكم الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً والسَّماءَ بِناءً وأَنْزَلَ من السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ به من الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فيقولون يا ربنا خاطبتنا فسمعنا وفهمتنا ففهمنا فيا ربنا وفقنا واستعملنا فيما طلبته منا من عبادتك وتقواك إذ لا حول لنا ولا قوة إلا بك ومن نحن حتى تنزل إلينا من علو جلالك وتنادينا وتسألنا وتطلب منا يا أَيُّهَا النَّاسُ يقولون لبيك إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فيقولون يا ربنا أسمعتنا فسمعنا وأعلمتنا فعلمنا فأعصمنا وتعطف علينا فالمنصور من نصرته والمؤيد من أيدته والمخذول من خذلته يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ فيقول الإنسان منهم لبيك يا رب ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ فيقول كرمك يا رب فيقول صدقت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فيقولون لبيك ربنا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِهِ اتَّقُوا الله وقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يقولون وأي قول لنا إلا ما تقولنا وهل لمخلوق حول أو قوة إلا بك فاجعل نطقنا ذكرك وقولنا تلاوة كتابك يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فيقولون لبيك ربنا فيقول تعالى عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ من ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فيقولون ربنا أغريتنا بأنفسنا لما جعلتها محلا لإيمانك فقلت وفي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ وقلت سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ والآيات ليست مطلوبة إلا لما تدل عليه وأنت مدلولها فكأنك تقول في قولك عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي ألزمونا وثابروا علينا وألظوا بنا ثم قلت لا يَضُرُّكُمْ من ضَلَّ أي حار وتلف حين طلبنا بفكره فأراد أن يدخلنا تحت حكم نظره وعقله إِذَا اهْتَدَيْتُمْ بما عرفتكم به مني في كتابي وعلى لسان رسولي فعرفتموني بما وصفت لكم به نفسي فما عرفتموني إلا بي فلم تضلوا فكانت لكم هدايتي وتقريبي نورا تمشون به على صراطنا المستقيم فلا يزال دأب أهل الليل هكذا مع الله في كل آية يقرءونها في صلاتهم وفي كل ذكر يذكرونه به حتى ينصدع الفجر

[الليل لله والنهار للإنسان‏]

قال محمد بن عبد الجبار النفري وكان من أهل الليل أوقفني الحق في موقف العلم وذكر رضي الله عنه ما قال له الحق في موقفه ذلك فكان من جملة ما قال له في ذلك الموقف يا عبدي الليل لي لا للقرآن يتلى الليل لي لا للمحمدة والثناء يقول الله تعالى إِنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا فاجعل الليل لي كما هو لي فإن في الليل نزولي فلا أراك في النهار في معاشك فإذا جاء الليل وطلبتك ونزلت إليك وجدتك نائما في راحتك وفي عالم حياتك وما ثم إلا ليل ونهار فلا في النهار وجدتك وقد جعلته لك ولم أنزل فيه إليك وسلمته لك وجعلت الليل لي فنزلت إليك فيه لأناجيك وأسامرك وأقضي حوائجك فوجدتك قد نمت عني وأسأت الأدب معي مع دعواك محبتي وإيثار جنابي فقم بين يدي وسلني حتى أعطيك مسألتك وما طلبتك لتتلو القرآن فتقف مع معانيه فإن معانيه تفرقك عني فآية تمشي بك في جنتي وما أعددت لأوليائي فيها فأين أنا إذا كنت أنت في جنتي مع الحور المقصورات في الخيام كأنهن الياقوت والمرجان متكئا عَلى‏ فُرُشٍ بَطائِنُها من إِسْتَبْرَقٍ وجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ تسقى من رَحِيقٍ مَخْتُومٍ مِزاجُهُ من تَسْنِيمٍ وآية توقفك مع ملائكتي وهم يدخلون عليك من كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وآية تستشرف بك على جهنم فتعاين ما أعددت فيها لمن عصاني وأشرك بي من سَمُومٍ وحَمِيمٍ وظِلٍّ من يَحْمُومٍ لا بارِدٍ ولا كَرِيمٍ وترى الحطمة وما أَدْراكَ ما الْحُطَمَةُ نارُ الله الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ أي مسلطة في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ أين أنا يا عبدي إذا تلوت هذه الآية وأنت بخاطرك وهمتك في الجنة تارة وفي جهنم تارة ثم تتلو آية فتمشي بك في القارعة وما أَدْراكَ ما الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ يوم تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وتَرَى النَّاسَ سُكارى‏ وما هُمْ بِسُكارى‏ ولكِنَّ عَذابَ الله شَدِيدٌ وترى في ذلك اليوم من هذه الآية يَفِرُّ الْمَرْءُ من أَخِيهِ وأُمِّهِ وأَبِيهِ وصاحِبَتِهِ وبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وترى العرش في ذلك اليوم تحمله ثمانية أملاك وفي ذلك اليوم تُعْرَضُونَ فأين أنا والليل لي فها أنت يا عبدي في النهار في معاشك وفي الليل فيما تعطيه تلاوتك من جنة ونار وعرض فأنت بين آخرة


مخطوطة قونية
963
964
965
966
967
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 238 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!