موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل مجاور لعلم جزئى من علوم الكون وترتيبه وغرائبه وأقطابه
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 233 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

أسعده الله بما شغله الله به من البكاء على ذنبه ومشاهدته زلته ونظره إليها في كتابه وذهل عن إن ذلك الندم يعطيه الترقي عند الله فإنه ما بشره بقبول التوبة فهو متحقق وقوع الزلة حاكم عليه الانكسار والحياء مما وقع فيه وإن لم يؤاخذه الله بذلك الذنب فكان الاستدراج حاصلا في الخير والشر وفي السعداء والأشقياء ولقيت بمدينة فاس رجلا عليه كآبة كأنه يخدم في الأتون فسألت أبا العباس الحصار وكان من كبار الشيوخ عنه فإني رأيته يجالسه ويحن إليه فقال لي هذا رجل كان في مقام فانحط عنه فكان في هذا المقام وكان من الحياء والانكسار بحالة وجبت عليه السكوت عن كلام الخلق فما زلت ألاطفه بمثل هذه الأدوية وأزيل عنه مرض تلك الزلة بمثل هذا العلاج وكان قد مكنني من نفسه فلم أزل به حتى سرى ذلك الدواء في أعضائه فأطلق محياه وفتح له في عين قلبه باب إلى قبوله ومع هذا فكان الحياء يستلزمه وكذلك ينبغي أن تكون زلات الأكابر غالبا نزولهم إلى المباحات لا غير وفي حكم النادر تقع منهم الكبائر قيل لأبي يزيد البسطامي رضي الله عنه أ يعصي العارف فقال وكانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَقْدُوراً يريد أن معصيتهم بحكم القدر النافذ فيهم لا أنهم يقصدون انتهاك حرمات الله هم بحمد الله إذا كانوا أولياء عند الله تعالى وجل معصومون في هذا المقام فلا تصدر منهم معصية أصلا انتهاكا لحرمة الله كمعاصي الغير فإن الايمان المكتوب في القلوب يمنع من ذلك فمنهم من يعصي غفلة ومنهم من يخالف على حضور عن كشف إلهي قد عرفه الله فيه ما قدره عليه قبل وقوعه فهو على بصيرة من أمره وبينة من ربه وهذه الحالة بمنزلة البشرى في قوله لِيَغْفِرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ فقد أعلمه بالذنوب الواقعة المغفورة فلا حكم لها ولا لسلطانها فيه فإنه إذا جاء وقت ظهورها يكون في صحبتها الاسم الغفار فتنزل بالعبد ويحجب الغفار حكمها فتكون بمنزلة من يلقي في النار ولا يحترق كإبراهيم عليه السلام فكان في النار ولا حكم لها فيه بالحجاب الذي هو المانع كذلك زلة العارف صاحب مقام الكشف للاقدار تحل به النازلة وحكمها بمعزل عنها فلا تؤثر في مقامه بخلاف من تحل فيه وهو على غير بينة ولا بصيرة بما قدر عليه فهذا يستلزمه الحياء والندم والذلة وذلك ليس كذلك وهنا أسرار إلهية لا يسعنا التعبير عنها

[البساط وعدم الانبساط أو العبادة والعبودية]

وبعد أن فهمناك مراتبهم في هذا المقام وفرقنا لك بين معصية العارفين وبين معاصي العامة من علماء الرسوم ومقلديهم فاعلم أنه حكي عن بعضهم أنه قال اقعد على البساط يريد بساط العبادة وإياك والانبساط أي التزم ما تعطيه حقيقة العبودة من حيث إنها مكلفة بأمور حدها له سيدها فإنه لو لا تلك الأمور لاقتضي مقامها الإدلال والفخر والزهو من أجل مقام من هو عبد له ومنزلته كما زها يوما عتبة الغلام وافتخر فقيل له ما هذا الزهو الذي نراه في شمائلك مما لم يكن يعرف قبل ذلك منك فقال وكيف لا أزهو وقد أصبح لي مولى وأصبحت له عبدا فما قبض العبيد من الإدلال وأن يكونوا في الدنيا مثل ما هم في الآخرة إلا التكليف فهم في شغل بأوامر سيدهم إلى أن يفرغوا منها فإذا لم يبق لهم شغل قاموا في مقام الإدلال الذي تقتضيه العبودية وذلك لا يكون إلا في الدار الآخرة فإن التكليف لهم مع الأنفاس في الدار الدنيا فكل صاحب إدلال في هذه الدار فقد نقص من المعرفة بالله على قدر إدلاله ولا يبلغ درجة غيره ممن ليس له إدلال أبدا فإنه فاتته أنفاس كثيرة في حال إدلاله غاب عما يجب عليه فيها من التكليف الذي يناقض الاشتغال به الإدلال فليست الدنيا بدار إدلال أ لا ترى عبد القادر الجيلي مع إدلاله لما حضرته الوفاة وبقي عليه من أنفاسه في هذه الدار ذلك القدر الزماني وضع خده في الأرض واعترف بأن الذي هو فيه الآن هو الحق الذي ينبغي أن يكون العبد عليه في هذه الدار وسبب ذلك أنه كان في أوقات صاحب إدلال لما كان الحق يعرفه به من حوادث الأكوان وعصم الله أبا السعود تلميذه من ذلك الإدلال فلازم العبودية المكلفة مع الأنفاس إلى حين موته فما حكي أنه تغير عليه الحال عند موته كما تغير على شيخه عبد القادر وحكى لنا الثقة عندنا قال سمعته يقول طريق عبد القادر في طرق الأولياء غريب وطريقنا في طرق عبد القادر غريب رضي الله عن جميعهم ونفعنا بهم والله يعصمنا من المخالفات وإن كانت قدرت علينا فالله أسأل أن يجعلنا في ارتكابها على بصيرة حتى يكون لنا بها ارتقاء درجات والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب الأربعون) في معرفة منزل مجاور لعلم جزئي من علوم الكون وترتيبه وغرائبه وأقطابه‏

نظم يتضمن ما ترجمنا عليه‏


مخطوطة قونية
938
939
940
941
942
943
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 233 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!