موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة هذا الشخص المحقق فى منزل الأنفاس وأسراره بعد موته رضى الله عنه
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 221 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

بالأشياء في جميع القوي أو في قوة بعينها كما قررنا إما في الشم وهو صاحب علم الأنفاس وإما في النظر فيقال هو صاحب نظر وإما في الضرب وهو من باب اللمس بطريق خاص ولذلك كني عن ذلك بوجود برد الأنامل فينسب صاحب تلك الصفة التي بها تحصل العلوم إليها فيقال هو صاحب كذا كما قررنا إن الصفة هي عين الموصوف في هذا الباب أعني الصفة النفسية فكما رجع المعنى الذي يقال فيه إنه لا يقوم بنفسه صورة قائمة بنفسها رجعت الصورة التي هي هذا العالم معنى لتحققه بذلك المعنى وتألفه به كما تألفت هذه المعاني فصار من تأليفها ذات قائمة بنفسها يقال فيها جسم وإنسان وفرس ونبات فافهم فيصير صاحب علم الذوق ذوقا وصاحب علم الشم شما ومعنى ذلك أنه يفعل في غيره ما يفعل الذوق فيه إن كان صاحب ذوق أو ما فعل الشم فيه إن كان صاحب شم فقد التحق في الحكم بمعناه وصار هو في نفسه معنى يدرك به المدرك الأشياء كما يدرك الرائي بالنظر في المرآة الأشياء التي لا يدركها في تلك الحالة إلا بالمرآة كان للشيخ أبي مدين ولد صغير من سوداء وكان أبو مدين صاحب نظر فكان هذا الصبي وهو ابن سبع سنين ينظر ويقول أرى في البحر في موضع صفته كذا وكذا سفنا وقد جرى فيها كذا وكذا فإذا كان بعد أيام وتجي‏ء تلك السفن إلى بجاية مدينة هذا الصبي التي كان فيها يوجد الأمر على ما قاله الصبي فيقال للصبي بما ذا ترى فيقول بعيني ثم يقول لا إنما أراه بقلبي ثم يقول لا إنما أراه بوالدي إذا كان حاضرا ونظرت إليه رأيت هذا الذي أخبركم به وإذا غاب عني لا أرى شيئا من ذلك‏

ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى في العبد الذي يتقرب إلى الله بالنوافل حتى بحبه يقول فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به‏

الحديث فبه يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش ويسعى فهذا معنى قولنا يرجع المحقق بمثل صورة معنى ما تحقق به فكان ينظر بأبيه كما ينظر الإنسان بعينه في المرآة فافهم وهكذا كل صاحب طريق من طرق هذه القوي وقد يجمع الكل واحد فيرى بكل قوة ويسمع بكل قوة ويشم بكل قوة وهو أتم الجماعة

[المحقق في منزل الأنفاس: أحواله وصفاته بعد موته‏]

وأما أحوالهم بعد موتهم فعلى قدر ما كانوا عليه في الدنيا من التفرغ لأمر ما معين أو أمور مختلفة على قدر ما تحققوا به في التفرغ له وهم في الآخرة على قدر أحوالهم في الدنيا فمن كان في الدنيا عبدا محضا كان في الآخرة ملكا محضا ومن كان في الدنيا يتصف بالملك ولو في جوارحه أنها ملك له نقص من ملكه في الآخرة بقدر ما استوفاه في الدنيا ولو أقام العدل في ذلك وصرفه فيما أوجب الله عليه أن يصرفه فيه شرعا وهو يرى أنه مالك لذلك لغفلة طرأت منه فإن وبال ذلك يعود عليه ويؤثر فيه فلا أعز في الآخرة ممن بلغ في الدنيا غاية الذل في جناب الحق والحقيقة ولا أذل في الآخرة ممن بلغ في الدنيا غاية العزة في نفسه ولو كان مصفوعا في الدنيا ولا أريد بعز الدنيا أن يكون فيها ملكا إلا أن يكون صفته في نفسه العزة وكذلك الذلة وأما أن يكون في ظاهر الأمر ملكا أو غير ذلك فما نبالي في أي مقام وفي أي حال أقام الحق عبده في ظاهره وإنما المعتبر في ذلك حاله في نفسه‏

[الحياة النفسية بعد الموت‏]

ذكر عبد الكريم بن هوازن القشيري في بعض كتبه وغيره عن رجل من الناس أنه دفن رجلا من الصالحين فلما جعله في قبره نزع الكفن عن خده ووضع خده على التراب ففتح الميت عينيه وقال له يا هذا أ تذللني بين يدي من أعزني فتعجب من ذلك وخرج من القبر ورأيت أنا مثل هذا لعبد الله صاحبي الحبشي في قبره ورآه غاسله وقد هاب أن يغسله في حديث طويل ففتح عينيه في المغتسل وقال له اغسل فمن أحوالهم بعد الموت أنهم أحياء بالحياة النفسية التي بها يسبح كل شي‏ء ومن كانت له همة بمعبده في حال عبادته في حياته بحيث أن يكون يحفظها من الداخل فيها حتى لا يتغير عليه الحال إن كان صاحب نفس فإذا مات ودخل أحد بعده معبده ففعل فيه ما لا يليق بصاحبه الذي كان يعمره ظهرت فيه آية وهذا قد رويناه في حكاية عن أبي يزيد البسطامي كان له بيت يتعبد فيه يسمى بيت الأبرار فلما مات أبو يزيد بقي البيت محفوظا محترما لا يفعل فيه إلا ما يليق بالمساجد فاتفق أنه جاء رجل فبات فيه قيل وكان جنبا فاحترقت عليه ثيابه من غير نار معهودة ففر من البيت فما كان يدخله أحد فيفعل فيه ما لا يليق إلا رأى آية فيبقى أثر مثل هذا الشخص بعد موته يفعل مثل ما كان يفعله في حياته سواء وقد قال بعضهم وكان محبا في الصلاة يا رب إن كنت أذنت لأحد أن يصلي في قبره فاجعلني ذلك فرئي وهو يصلي في قبره وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة إسرائه بقبر موسى عليه السلام فرآه وهو يصلي في قبره ثم عرج به إلى السماء وذكر الإسراء وما جرى له فيه مع الأنبياء


مخطوطة قونية
890
891
892
893
894
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 221 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!