موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال قطب كان منزله (وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب)
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 155 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

إن الشريعة قسمته بكيلها *** فلذاك قلت بكيفه وبكمه‏

[داود عليه السلام أشبه بنى آدم بآدم ع‏]

لما كان داود عليه السلام في دلالة اسمه عليه أشبه بنى آدم بآدم في دلالة اسمه عليه صرح الله بخلافته في القرآن في الأرض كما صرح بخلافة آدم في الأرض فإن حروف آدم غير متصلة بعضها ببعض وحروف داود كذلك إلا أن آدم فرق بينه وبين داود بحرف الميم الذي يقبل الاتصال القبلي والبعدي فأتى الله به آخرا حتى لا يتصل به حرف سواه وجعل قلبه واحدا من الحروف الستة التي لا تقبل الاتصال البعدي فأخذ داود من آدم ثلثي مرتبته في الأسماء وأخذ محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ثلثيه أيضا وهو الميم والدال غير إن محمدا متصل كله والحرف الذي لا يقبل الاتصال البعدي جعل آخرا حتى يتصل به ولا يتصل هو بشي‏ء بعده وهوقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله‏

فيتصل به ولا يتصل هو بأحد فناسب محمد آدم عليهما الصلاة والسلام من وجهين الأول مناسبة النقيض بالاتصال بآدم وآدم له الانفصال كداود والميم من آدم كالدال من محمد فجاءنا آخرا لذلك أعني في آخر الاسم منهما والثاني مناسبة النظير التي بين آدم ومحمد في كون الحق عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها وأعطى محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم جوامع الكلم وعمت رسالته كما عم التناسل من آدم في ذريته فالناس بنو آدم والناس أمة محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من تقدم منهم ومن تأخر لأنه‏

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم آدم فمن دونه تحت لوائي‏

فنظر آدم إلى داود دون ولده لما ذكره فاستقل عمره فأعطاه من عمره ستين سنة وهو عمر محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فلما وصل من عمره إلى الميم من اسمه رأى صورة محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الميم فرجع عن داود لأنه قد فارق رؤية الألف والدال فرجع في عطيته التي أعطاها داود من عمره فدخل تحت لواء محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فأما تصريح الحق بالخلافتين على التعيين في حقهما فقوله تعالى في خلافة آدم عليه السلام إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً يريد آدم وبنيه وأمر الملائكة بالسجود له وقال تعالى في داود عليه السلام يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الْأَرْضِ ثم قال فيه ما لم يقل في آدم ولا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ وسبب ذلك لما لم يجعل في حروف اسمه حرفا من حروف الاتصال جملة واحدة فما في اسمه حرف يتصل بحرف آخر من حروف اسمه فعلم إن أمره فيه تشتيت لما كان لكل إنسان من اسمه نصيب فكان نصيبه من اسمه ما فيه من التشتيت فأوصاه تعالى أن لا يتبع الهوى لانفراد كل حرف من اسمه بنفسه ثم إن له إلى الفردية وجوها في حركاته فهي ثلاثة وحروفه خمسة فهو فرد من جميع الوجوه فلو لا أنه قابل لما وقعت فيه الوصية من الله ما وصاه ولما علم ذلك داود بما أعلمه الله بطريق التنبيه في نهيه إياه أن لا يتبع الهوى ولم يقل هواك أي لا تتبع هوى أحد يشير عليك واحكم بما أوحيت به إليك من الحق فإن الهوى ما له حكم إلا بالاتصال وحروف اسم داود لا تقتضي الاتصال فعصمه الله من وجه خاص فلما وصاه الحق تعالى استغفر ربه أي طلب الستر من الله الحائل بينه وبين الهوى المضل ليتصل به فيتصف به فيؤثر في الحكم الذي أرسل به رجع إلى الله في ذلك وسقط إلى الأرض اختيارا قبل أن تسقطه الأهواء وتؤثر فيه تأثيرها في الجدار إن القائمة فكان ركوعه رجوعا إلى أصله من نفسه فهو عين الستر الذي طلبه في استغفاره فلما جاء الهوى لم يجد شيئا منتصبا قائما يرده عن مجراه فيؤثر فيه فراح عنه ولم يصبه وعصمه الله وستره وليس الابتلاء مما يحط درجة العبد عند الله بل ما يبتلي الله إلا الأمثل فالأمثل من عباده فَيُضِلُّ بالتأويل في ذلك من يَشاءُ ويَهْدِي من يَشاءُ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها من تَشاءُ وتَهْدِي من تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وارْحَمْنا وأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ فنفس الأنبياء نفس واحد فمن عباد الله من سترهم الله عن الذنوب فلم تدركهم ولم ترهم ومن عباد الله من يسترهم الله عن المؤاخذة عن الذنب وكل له مقام معلوم‏

فلو إن داود في حكمه *** بحكم الهوى ضل عن نفسه‏

ولكنه سيد منجب *** قد اختاره الله من قدسه‏

له الضوء من ذاته ظاهر *** تبرز فيه على جنسه‏

فما خر عن زلة قد أتى *** بها بل رجوعا إلى أسه‏


مخطوطة قونية
9154
9155
9156
9157
9158
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 155 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!