موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال قطب كان منزله (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها)
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 151 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

فمن ينزهه عنه يشبهه *** به فهذا الذي قد قلته فيه‏

وذلك أن الإنسان لا يخلو أن يجعل معبوده مثلا أو ضدا أو خلافا وعلى كل وجه فقد فرق بين الله وبين العالم فهذا الفرقان الذي تعطيه التقوى لا بد أن يكون فرقانا خاصا وليس سوى الفرقان الذي يكون في عين القرآن فإن القرآن يتضمن الفرقان بذاته وإنما نسب الجعل إلى هذا الفرقان لأن التقوى أنتجه فأما أن يكون جعله ظهوره لمن اتقاه مع كونه لم يزل موجود العين قبل ظهوره أو يكون جعله خلقه فيه بعد أن لم يكن وما هو إلا الظهور دون الخلق فإنه أعقبه بقوله ويُكَفِّرُ عَنْكُمْ أي يستروا لستر ضد الظهور فلا يخلو العبد في تقواه ربه أن يجعل نفسه وقاية له عن كل مذموم ينسب إليه أو يجعل ربه وقاية له عن كل شدة لا يطيق حملها إلا به وهو لا حول ولا قوة إلا بالله وهو قوله وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فيلتقي به شدائد الأمور التي هي محبوبة لله مكروهة طبعا كما تجعل نفسك وقاية له تنفي بها عنه كل مذموم شرعا محمود محبوب طبعا فينتج لك كونه وقاية لك علم كل شدة فتتجلى لك أسماؤها الإلهية كلها بتفاصيلها وأنواعها وهذا من الفرقان وينتج لك كونك وقاية له كل مذموم ومكروه فتتجلى لك أسماؤه الإلهية كلها بتفاصيلها وأنواعها وهذا من الفرقان فيحمدك الله في الحالتين‏

[إن الله اعطى العلم لمحبيه‏]

فإن الله لا يعطي العلم إلا من يحب وقد يعطي الحال من يحب ومن لا يحب فإن العلم ثابت والحال زائلة ولو لا الفرقان الذي في عين التقوى ما أنتج التقوى فرقانا فإن الشي‏ء لا ينتج إلا مثله ولا يكون إلا ذلك ولهذا كان العالم على صورة الحق فمن غلب عليه طبعه كان شبهه بأمه أقوى من شبهه بأبيه ومن غلب عليه عقله كان شبهه بأبيه أقوى من شبهه بأمه لأن العالم بين الطبيعة والحق وبين الوجود والعدم فما هو وجود خالص ولا عدم خالص فالعالم كله سحر يخيل إليك أنه حق وليس بحق ويخيل إليك أنه خلق وليس بخلق إذ ليس بخلق من كل وجه وليس بحق من كل وجه فإنا لا نشك في المسحور فيما يراه أن ثم مرئيا ولا بد كما قال يُخَيَّلُ إِلَيْهِ من سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى‏ فالسعي مرئي بلا شك وبقي الشأن فيمن هو الساعي فإن الحبال على بابها ملقاة في الأرض والعصي فيعلم قطعا إن الخلق لو تجرد عن الحق ما كان ولو كان عين الحق ما خلق ولهذا يقبل الخلق الحكمين ويقبل الحق أيضا الحكمين فقبل صفات الحدوث شرعا وقبل صفات القدم شرعا وعقلا فهو المنزه المشبه وقبل الخلق الحكمين وهما أنه جمع بين نسبة الأثر له في الحق بما أعطاه من العلم به كما ذكرناه في غير موضع وبين نسبة الأثر فيه من الحق وهو أنه أوجده ولم يكن شيئا أي لم يكن موجودا فالفرقان لم يزل في نفس الأمر ولكن ما ظهر لكل أحد في كل حال من الأحوال‏

في كل حال من الأحوال فرقان *** أتى بذلك تشريع وبرهان‏

وهذا الفرقان الذي أنتجه التقوى لا يكون إلا بتعليم الله ليس للنظر الفكري فيه طريق غيره فإن أعطاه الله الإصابة في النظر الفكري فما هو هذا العلم الخاص فإن الطريق تميز العلوم المشتبهة بالصورة المختلفة بالذوق وأُتُوا به مُتَشابِهاً فاعلم ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب الثاني عشر وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها)

كلما أنضج اللهيب جلودا *** بدل الله للعذاب جلودا

أبدا ينتهي القضاء إليه *** أورث القوم في الجحيم خلودا

جعل الله منهم وعليهم *** عند ما ينقضي السؤال شهودا

فإذا أدت الشهادة فيهم *** ملكوا الفوز والنعيم الجديدا

[شهادة الأعضاء والجلود على صاحبه‏]

يقول الله تعالى إخبارا عنهم وقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا الله أي بالشهادة عليكم لأنهم شهداء عدول مقبولون القول عند الله وكانوا في الدنيا غير راضين بما كانت النفس الناطقة الحيوانية تصرفهم فيه زمان حكمها وإمارتها عليهم وعلى جميع جوارحهم من سمع وبصر ولسان ويد وبطن وفرج ورجل وقلب وإنما سميت الجلود بهذا الاسم لما هي عليه من الجلادة لأنها تلتقي بذاتها جميع المكاره من جراحة وضرب وحرق وحر وبرد وفيها الإحساس وهي مجن النفس الحيوانية لتلقى هذه المشاق فما في الإنسان أشد جلادة من جلده ولهذا


مخطوطة قونية
9137
9138
9139
9140
9141
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 151 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!