موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة فى تعمير نواشئ الليل فوائد الخيرات
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 61 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

خلقه فمن أراد أن يرى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ممن لم يدركه من أمته فلينظر إلى القرآن فإذا نظر فيه فلا فرق بين النظر إليه وبين النظر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فكان القرآن انتشا صورة جسدية يقال لها محمد بن عبد الله بن عبد المطلب والقرآن كلام الله وهو صفته فكان محمد صفة الحق تعالى بجملته ف من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله لأنه لا ينطق عن الهوى فهو لسان حق فكان صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ينشئ في ليل هيكله وظلمة طبيعته بما وفقه الله إليه من العمل الصالح الذي شرعه له صورا عملية ليلية لكون الليل محل التجلي الإلهي الزماني من اسمه الدهر تعالى يستعين بالحق لتجليه في إنشائها على الشهود وهو قوله تعالى إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ولم تكن هذه الصور إلا الصلاة بالليل دون سائر الأعمال وإنما قلنا بالاستعانة

لقوله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي‏

وقوله اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ ولا يطلب العون إلا من له نوع تعمل في العمل وهو قوله وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فكن أنت يا وارثه هو المراد بهذا الخطاب في هذا العمل فيكون محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما فقد من الدار الدنيا لأنه صورة القرآن العظيم فمن كان خلقه القرآن من ورثته وأنشأ صورة الأعمال في ليل طبيعته فقد بعث محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من قبره فحياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بعد موته حياة سنته ومن أحياه فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً فإنه المجموع الأتم والبرنامج الأكمل ولهذا قال في ناشئة الليل إنها أَقْوَمُ قِيلًا ولا أقوم قيلا من القرآن وكذلك أَشَدُّ وَطْئاً أي أعظم تمهيدا لأنه قال ما فَرَّطْنا في الْكِتابِ من شَيْ‏ءٍ وليس إلا القرآن الجامع وأشد ثباتا فإنه لا ينسخ كما نسخت سائر الكتب قبله به وإن ثبت ما ثبت منها مما ورد في القرآن ولهذا جاء بلفظ المفاضلة في الثبوت فهو أشد ثبوتا منها لاتصاله بالقيامة وفيه ما في الكتب وما ليس في الكتب كما كان في محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما كان في كل نبي وكان فيه ما لم يكن في نبي لأن القرآن كان خلقه فأعطى هو وأمته ما لم يعط نبي قبله فإذا أنشأ من أنشأ صورة هذه الأعمال الليلية ونفخ الحق لشهوده من كونه معينا له أرواحها فيها قامت حية ناطقة عن أصل كريم الطرفين بين عبد متحقق بعبوديته موف حق سيده لم يلتفت إلى نفسه ولا إلى صورة ما خلقه الله عليها التي توجب له الكبرياء بل كان عبدا محضا مع هذه المنزلة ولهذا قدم إِيَّاكَ نَعْبُدُ فإنه ما قبل الصورة إلا في ثان حال فقال بذاته إِيَّاكَ نَعْبُدُ وقال بالصورة وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ثم رجع فقال اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضَّالِّينَ فجمع بين الأمرين وبين رب عظيم وفاه حقه على قدر ما شرعه له لا يطالب بغير ذلك فإنه تعالى هو الذي أدبه أي جمع له وفيه جميع فوائد الخيرات فلما نشأت هذه الصورة العملية الليلية بين هذين الطرفين الكريمين كانت وسطا جامعة للطرفين فكانت عبدا سيدا حقا خلقا وبهذه الصفة أنشأ الله العالم ابتداء فإن له في أسمائه ونعوته الطرفين فإنه وصف نفسه بما يتعالى به عن الخلق ووصف نفسه بما هو عليه الخلق ولم يزل بهذين النعتين موصوفا لنفسه وهما طرفا نقيض فجمع بين الضدين ولو لا ما هو الأمر على هذا ما خلق الضدين في العالم والمثلان ضدان فهما ضدا المماثلة حتى تعلم أن العالم على صورته في قبول الضدين بل هو العالم الذي هو عين الضدين صورة من أنشأه فظهر العالم بالأصالة بين الطرفين ومشى الأمر في خلق ما خلق الله بأيدي العالم فللعالم إنشاء الصور وللحق أرواحها وحياتها كما قال في حق عيسى عليه السلام وإِذْ تَخْلُقُ من الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ في الصورة الخلقية فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله فجعل الصورة للخلق وكونه طائرا للحق وفي إنشائك قال فَإِذا سَوَّيْتُهُ هو مثل تَخْلُقُ من الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ثم قال ونَفَخْتُ فِيهِ من رُوحِي وهو قوله فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي فمن كان مع الحق في مقام الشهود والجمع عند إنشاء العبد صور الأعمال قامت حية ناطقة وإن أنشأها على غير هذا النعت من الجمع والشهود كانت صورا بلا أرواح كصور المصورين الذين‏

يقول الله لهم يوم القيامة أحيوا ما خلقتم فلا يستطيعون‏

لأن الأحياء ليس لهم وإنما هو لله وأعني بالإحياء الأحياء الذي تقع به الفائدة من الحي فإن الطبيعة تعطي حياة في الصورة ولكن حياة لا فائدة معها وهي الحياة التي توجد في المعفنات فليس في قوة الطبيعة أكثر من وجود الإحساس لا غير وأما القوي الروحانية التي عنها تكون الصنائع العملية بالتفكر فمن الروح الإلهي فمن علم مراتب الأرواح يعلم ما أومأنا إليه في هذه العجالة والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏


مخطوطة قونية
8749
8750
8751
8752
8753
8754
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 61 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!