موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة هل عرفت أوليائى الذين أدّبتهم بآدابى
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 59 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

فكونهم حادوا الله ورسوله هو الذي عاد عليهم فهم جنوا على أنفسهم ما جنى عليهم صاحب مكارم الأخلاق فمن تعرض لأمر فقد أحب أن يتعرض إليه فيه فما فعلت معه في عدم ودك فيه إلا ما أحب ولا تكون مكارم الأخلاق إلا أن تفعل مع الشخص ما يحبه منك فإنه قد بغضك أولا لإيمانك بالله واليوم الآخر وأتخذك عدوا فمن مكارم خلقك معه أن تتلطف به في إيمانه فإن لم ينفع فلتقابله بالقهر فإن لم يفعل ولج فقدرت على قتله فاقتله بمكارم خلق منك حتى لا يبقى في الحياة الدنيا فيزيد كفرا وطغيانا فيزيده الله عذابا كما فعل من شهد الله له بأنه رحيم وهو خضر اقتلع رأس الغلام وقال إنه طبع كافرا فلو عاش أرهق أبويه طغيانا وكفرا وانتظم الغلام في سلك الكفار فقتله الخضر رحمة به وبابويه أما الصبي حيث أخرجه من الدنيا على الفطرة فسعد الغلام والله أعلم وسعد أبواه وهذا من أعظم مكارم الأخلاق كان بعض الصالحين يسأل الله الغزاة فلا يسهل الله له أسبابها ويحول بينه وبين الجهاد في سبيل الله وكان من الأولياء الأكابر عند الله ممن له حديث مع الله فبقي حائرا في تأخره وتعذر الأسباب عليه مع ما قد حصل في نفسه من حب الجهاد لما فيه من مرضاة الله ولما للشهداء عند الله فلما علم الله أنه قد ضاق صدره لذلك أعلمه الله بالطريقة التي كان يأخذ العلم عن الله بها فقال له لا يضيق صدرك من أجل تعذر أسباب الجهاد عليك فإني قضيت عليك لو غزوت لأسرت ولو أسرت لتنصرت ومت نصرانيا وإن لم تغز بقيت سالما في بيتك ومت عبدا صالحا على الإسلام فشكر الله على ذلك وعلم إن الله تعالى قد اختار له ما هو الأسعد في حقه فسكن خاطره وعلم إن الله قد اختار له ما له فيه الخيرة عنده أيضا من آداب الله الذي ينبغي للعبد أن يتأدب بها مع الله فإذا رأيت من سلم واستسلم وقامت به آداب الحق وقام بها في نفسه وفي عباده وتأدب مع الصفة لا مع الأشخاص ويتخيل صاحب الصفة أنه تأدب معه وما عنده خبر بحال هذا الأديب فإنه ينظر العالم بعين الحق وعين الحق تنظر إليهم بما أعطاها علم الله بهم وعلم الله بهم ما هم عليه من الأحوال فإن الذوات التي تقوم بها الأحوال لا يحكم عليهم من حيث ذواتهم سعادة ولا شقاء وإنما ذلك بما يقوم بالذوات من الصفات فالصفات لا تتصف بالشقاء لذاتها ولا بالسعادة والذوات الحاملة للصفات لا تتصف أيضا لنفسها وعينها بسعادة ولا شقاء فإذا قامت الصفات بالذوات وظهرت أحكامها فيها اتصفت الذوات بحسب ما حصل من الامتزاج الذي لم يكن ولا لواحد منهما على الانفراد فقيل عند ذلك في الشخص سعيد أو شقي فانظر ما أعجب حديث السعادة والشقاء حيث لم يظهر واحد منهما إلا بحسب الامتزاج كما لم يظهر سواد المداد إلا بامتزاج العفص والزاج كما لم يظهر بياض الشقة إلا بين الشقة والقصارة فالخوف كله من التركيب والآفات كلها إنما تطرأ على الشخص من كونه مركبا والخروج عن التركيب يعقل وليس بواقع في العالم أصلا المركب ولهذا قال أبو يزيد إنه لا صفة له فإنه أقيم في معقولية بساطته فلم ير تركيبا فقال لا صفة لي فصدق ولكنه غير واقع في الوجود الحسي العيني فما ثم إلا مركب يقبل السعادة أو بالشقاء بحسب ما تقتضيه مزجته فقد فرغ ربك وما كان فراغه عن مانع شغل وإنما أراد بذلك التنزيه أي أن الأمور لا تقع إلا على ما هي عليه في نفسها ومن عصمه الله من الزلل الذي يقتضيه هذا المشهد فقد اعتنى الله به الاعتناء الأعظم ومن هنا زلت الاقدام كما جاء في الشريعة نظيره‏

لما ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من سبق الكتاب على العبد بالسعادة أو بالشقاء فقالت الصحابة يا رسول الله ففيم العمل فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم اعملوا فكل ميسر لما يسر له‏

وقد بين الحق بإرساله عليهم أسباب الخير وطرقه وأسباب الشقاء والشر وطرقه وجعل السلوك في طرق الخير بشرى فانظرها في نفسك فإن وجدت الأمر عندك إذا كنت في الخير مثلا واجدا باطنك وظاهرك فيه على السواء غير مرتاب فتلك البشرى فافرح بها في السعادة فإن الله ما يبدلك وإن رأيت الخير في ظاهرك وتجد في باطنك نكتة من شك أو اضطراب فيما أنت فيه من عبادة ويقع لك خاطر يقدح في أصلها بما يخالف ظاهر الفعل‏

[إن الله لم يعطك إيمانا ولا نور قلبك بنوره‏]

فاعلم إن الله لم يعطك إيمانا ولا نور قلبك بنوره فابك على نفسك أو أضحك فما لك في الآخرة من خلاق هذا ميزانك في نفسك وأنت أعرف بنفسك وما يخطر لك فيها ولهذا

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الصحيح إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس فإنه يبدو لله منه هذا الخاطر الذي يقدح في‏


مخطوطة قونية
8741
8742
8743
8744
8745
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 59 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!