موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة الاستفهام عن الإنيتين
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 41 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

قال الله تعالى وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى‏ فهذا إثبات الإنيتين وإثبات حكمهما ثم نفى الحكم عن إحداهما بعد إثباته وهو الصادق القول‏

[أن إنية الشي‏ء حقيقته في اصطلاح القوم‏]

فاعلم أن إنية الشي‏ء حقيقته في اصطلاح القوم فهي في جانب الحق إني أنا ربك وفي جانب الخلق الكامل إني رسول الله فهاتان أنيتان ضبطتهما العبارة وهما طرفان فلكل واحدة من الإنيتين حكم ليس للأخرى‏

وذاك الذي قالوا وذاك الذي عنوا *** وما ثم إلا الله ليس سواه‏

وكلف والتكليف يطلب حادثا *** ويطلب من يدري وما ثم إلا هوفالإنية الإلهية قائلة والإنية القابلة سامعة وما لها قول إلا بالتكوين فلا يقال لإنية الخلق في حال وجودها وما القول إلا لمن هو في حال العدم فلا تكليف إلا في المعدوم لعدم نسبة الإيجاد للحادث فلا يقال للمنفعل انفعل فقد انفعل بقبوله الوجود ولا إيجاد يكون عنه فلا قول له وما ثم عبث فإذا كلف قال لما كلف به كن في حال عدمه فيكون في محل هذا الحادث فينسب إليه وليس إليه فلهذا كانت الإنيتان طرفين فتميزتا إلا أن لإنية الحادث منزلة الفداء والإيثار لجناب الحق بكونها وقاية وبهذه الصفة من الوقاية تندرج إنية العبد في الحق اندراجا في ظهور وهو قوله تعالى إِنَّنِي أَنَا الله فلو لا نون العبد التي أثر فيها حرف الياء الذي هو ضمير الحق فخفض النون فظهر أثر القديم في المحدث ولولاه لخفضت النون من أن وهي إنية الحق كما أثرت في قوله إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فإنه لا بد لها من أثر فلما لم تجد إنية العبد التي هي نون الوقاية أثرت في إنية الحق فخفضتها ومقامها الرحمة التي هي الفتح فما أزاله عن مقامه إلا هو ولا أثر فيه سواه فأقرب ما يكون العبد من الحق إذا كان وقاية بين إنية الحق وبين ضميره فيكون محصورا قد أحاط به الحق من كل جانب وكان به رحيما لبقاء صفة الرحمة فبابها مفتوح وبها حفظ على المحدث وجوده فبقي عين نون الوقاية الحادثة في مقام العبودية الذي هو الخفض المتولد عن ياء ضمير الحق فظهر في العبد أثر الحق وهو عين مقام العبد الذلة والافتقار فما للعبد مقام في الوصلة بالحق تعالى أعظم من هذا حيث له وجود العين بظهور مقامه فيه وهو في حال اندراج في الحق محاط به من كل جانب فعرف نفسه بربه حين أثر فيه الخفض فعرف ربه حين أبقاه على ما هو عليه من الرحمة فإنه الرحمن الرحيم فما زال عنه الفتح بوجود عين العبد فلا يشهده أبدا إلا رحمانا ولا يعلمه أبدا إلا مؤثرا فيه فلا يزال في عبوديته قائما وهذا غاية القرب ولما حار أبو يزيد في القرب من الله قبل أن يشهد هذا المقام قال لربه يا رب بما ذا أتقرب إليك فقال بما ليس لي فقال يا رب وما ليس لك وكل شي‏ء لك فقال الذلة والافتقار فعلم عند ذلك ما لإنية الحق وما لإنية العبد فدخل في هذا المقام فكان له القرب الأتم فجمع بين الشهود والوجود إذ كان كل شي‏ء هالك فإن الشهود عند القوم فناء حكم لا فناء عين وفي هذا المقام شهود بلا فناء عين وهو محل الجمع بيننا وبين الطائفة وبلا فناء حكم فإنه أبقى للحق ما يستحقه من الفتح الرحموتي إذ لولاه أعني لو لا هذا القرب المعين لعاد الأثر على إنية الحق ولهذا أظهر في إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ليعلم أن الأثر إذا صدر من الحق لا بد له من ظهور حكم وما وجد إلا الحق فعاد عليه فجاء العبد فدخل بين الإنية الإلهية والمؤثر فعمل فيه‏

فانية الخلق مضبوطة *** وإنية الحق ما تنضبط

فيأخذ من ذا ويعطيه ذا *** وكل بأحواله مغتبط

فربط الوجود بعين الشهود *** مقام جليل لمن يرتبط

وليس ينال مقام الدنو *** عبيد إذا سره قد شحط

وما فرحت بشي‏ء قط مما وهبنيه الحق من المنح التي تقبلها الأكوان فرحى بهذا المقام إذ حلاني به ربي وهو أعلى المقامات وأسناها وهو مقام كل ما سوى الله ولا يشعر به وليست العناية من الله ببعض عباده إلا أن يشهده هذا المقام من نفسه فما يزيد على العالم كله إلا بالعلم به حالا وذوقا ولا يجني أحد ثمرة الإيثار مثل ما يجنيها صاحب هذا المقام فإن ثمرة الإيثار على قدر من تؤثره على نفسك والذي تؤثره على نفسك هنا إنما هو الحق فينسب إليك الفرح بما تجنيه من ثمرة هذا الإيثار على صورة نسبة الفرح إلى الحق‏

فانظر ما أعظمها من لذة وابتهاج وهذا أخصر


مخطوطة قونية
8666
8667
8668
8669
8670
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 41 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!