موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة من رد إلىّ فعلى فقد أعطانى حقى وأنصفنى مما لى عليه
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 34 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

في سباحة الكواكب في أفلاكها التي هي طرق في السموات لتجري بالمقادير الكائنة في العالم على قدر معلوم لا تتعداه فهي تعطي وتمنع بذلك الميزان الذي وضع الحق لها لأنها تشاهد الميزان الذي بيد الحق حين يخفض به ويرفع فإذا نظرت إلى من رفعه الحق بميزانه أعطته ما يستحقه مقام الرفع وإذا رأت الحق يضع بميزانه من شاء أعطته ما يستحقه مقام الوضع وذلك هو التسخير الذي ورد في القرآن في النجوم أنها مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ‏

[أن المكلفين هم المقصودون بالخطاب والتكليف الإلهي‏]

فتعلم أن المكلفين هم المقصودون بالخطاب والتكليف فإنهم محل العقاب والثواب بخلاف سائر المخلوقين وذلك للحجاب الذي ضرب الله بينهم وبين مشاهدة الأمور منهم ومن سائر المخلوقات إنها لله لا لهم فلما أدعوها أضافها الحق إليهم بحسب دعواهم وكلفهم ابتلاء منه لدعواهم فمن كشف الله عن بصيرته ورأى الأفعال كلها لله لم ير الا حسنا منه ومن سائر المخلوقات وأن الله هو الصادق فقال إن الله لا يضيع أَجْرَ من أَحْسَنَ عَمَلًا فطلبنا على الإحسان ما هو فورد

في الخبر الصحيح أن الإحسان هو أن نعبد الله كأنا نراه‏

فنشرع في العمل على الحجاب فإذا رأينا المعمول له رأينا العمل صادرا منه فينا ما نحن العاملين فلما رأينا هذا خفنا من مزلة القدم فيما سماه من أفعاله حسنا وسيئا وعلمنا أنه ما أضاف العمل إلينا إلا لدعوانا في الأفعال إنها لنا فإذا حصلنا في هذا المقام من الشهود فما كان من حسن أضفناه إليه تعالى خلقا فينا وأضفناه إلينا من كوننا محلا لظهوره وإن كان سيئا ذلك العمل أضفناه إلينا بإضافة الله فنكون حاكين قول الله فيرينا الله حسن ما في ذلك المسمى سوء فبدل الله سيئاتنا حسنات وما هو إلا تبديل الحكم لا تبديل العين ثم إنه جميع ما طرأ منا في هذا كله من نظر ورد واحد فهو بهذه المثابة فإن ذلك كله فعل ظهر فينا ونحن أهل شهود فليس لنا إلا الاستعداد الذي نحن عليه لقبول ما يخلق فيه من الأفعال المنسوبة في الشهود كما هي في سائر المخلوقات عند المخلوقات الذين يقولون مطرنا بفضل الله ورحمته بالوزن الذي جعله في سباحة كوكب من الكواكب وما قدره الله له من المنازل التي ينزل فيها والمحجوب عن هذا لمقام يقول مطرنا بنوء كذا وكذا فيذكر الكوكب المجبور في ذلك ويضيف ما ظهر من المطر الصائب إليه كما يضيف أفعاله خلقا إلى نفسه فسمي عند ذلك بأنه كافر بالله مؤمن بمن رأى الفعل منه ويسمى الأول مؤمنا بالله كافرا بمن رأى الحس الفعل صادرا منه من حيث ما هو محل ومن المكلفين من ليس له هذا الشهود ولا تركه الايمان يقف مع الحجاب الذي على عينه فيقول مثل ما يقول صاحب الشهود مطرنا بفضل الله ورحمته تقليدا لا علما حتى يتميز المؤمن من العالم فإن المؤمن يقول ذلك لورود الخبر الصادق به ويقوله صاحب النظر لما يعطيه دليل عقله مثل المؤمن سواء إلا أن له درجة زائدة وهذان الصنفان لا يبلغان مبلغ صاحب الشهود في الدرجة فإنه يزيد عليهما بالعين وكذلك يشاهد أفعال الحق في نفسه كما يعلمها صاحب النظر كما يؤمن بها المقلد للخبر وكل له مقام معلوم ولكن لا يستوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ فإن الحق لو رجع في التعريف عن إضافة هذه الأفعال إليه تعالى وكفر من أضافها إليه تعالى لرجع المؤمن لرجوع الحق عقدا وقولا ورجع العالم صاحب الشهود قولا لا عقدا فإنه لا يتمكن لصاحب الدليل إذا استحكم الرجوع عنه ولا لصاحب الشهود وإذا كان هذا هكذا فلا بد من التمييز بين المؤمن العالم والمؤمن فقد بينا لك صورة الميزان والوزن وأن الوزن نعت إلهي لا ينبغي لعبد من عباد الله أن يغفل عنه في كل فعل ظاهر في الكون من موجود ما من الموجودات فلا يزال مر إقباله في غيره فيحكم عليه بالميزان الموضوع عنده وليس إلا الشرع وأما مراقبته في نفسه فبخلاف ما يرقبه في غيره فإنه لا يشهده من غيره إلا بعد ظهوره ووقوعه في الوجود من هذا الشخص وأما في نفسه فيرقب خاطره فإنه أول ما يوجده الله في خاطره وقلبه وقد عفا عنه تعالى فيما يجده من ذلك إلا بمكة فإذا راقبه ورأى أن الله قد جعل فيه قصد إظهار أمر ما فإن كان من الأفعال المقربة إلى سعادته الأخروية المحبوبة إلى الله المثنى عليه هيأ محله لقبول ما يفعل الله به من ذلك فيظهر الفعل وله الأجر من حيث ما هيأ نفسه واستعد والكل من عند الله وإن كان مما ذمه الله شرعا فلا يهي‏ء نفسه لظهور ذلك الفعل جهد الطاقة فإذا كان ذلك الفعل من المقدر عند الله وقوعه في هذا المحل سلب الله عن هذا العبد عقله ولم يعطه الاختيار وأعماه حتى يظهر ذلك الفعل في محله فإذا ظهر بحكم هذا الجبر الباطن رد الله إليه عقله فاعتبر فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وخَرَّ راكِعاً وأَنابَ وهذا معنى‏


مخطوطة قونية
8638
8639
8640
8641
8642
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 34 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!