موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة (وأن إلى ربك المنتهى) فاعتزوا بى تسعدوا
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 14 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

كونوا أعزاء به تسعدوا *** فليس عز غير عز الإمام‏

لما رأوا أعراضهم لم تقم *** ولم يروا أحوالهم في دوام‏

قالوا أنام الحق عن كوننا *** لذاك سموا في اللسان الأنام‏

[ليس وراء الله وجود]

قال الله تعالى يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وقال تعالى وأَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏ وقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ليس وراء الله مرمى وقال والله من وَرائِهِمْ مُحِيطٌ وما ثم إلا الله ونحن وهو من ورائنا محيط فليس وراء الله مرمى إلا العدم المحض الذي ما فيه حق ولا خلق فهو تعالى المحيط بنا فالوراء منا له من كل وجهة فلا نراه أبدا من هذه الآية لأن وجوهنا إنما هي مقبلة مصروفة إلى نقطة المحيط لأنا منها خرجنا فلم يتمكن لنا أن نستقبل بوجوهنا إلا هي فهي قبلتنا وهي إمامنا ومن كان هذا نعته والأمر كرى فبالضرورة يكون الوراء منا للمحيط بنا فإذا نظرنا إلى قوله وأَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏ فإنما يريد بظهورنا لا بوجوهنا فإن مشينا إلى المحيط القهقري فهو من ورائنا محيط لأنه الوجود فلو لم يكن من ورائنا لكان انتهاؤنا إلى العدم ولو وقعنا في العدم ما ظهر لنا عين فمن المحال وقوعنا في العدم لأن الله وهو الوجود المحض من ورائنا محيط بنا إليه ننتهي فيحول وجوده وإحاطته بيننا وبين العدم فليس بين قوله وأَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏ وبين قوله والله من وَرائِهِمْ مُحِيطٌ تقابل لا يمكن معه الجمع بينهما بل الجمع بينهما معلوم فالعالم بين النقطة والمحيط فالنقطة الأول والمحيط الآخر فالحفظ الإلهي يصحبنا حيثما كنا فيصرفنا

منه إليه والأمر دائرة ما لها طرف يشهد فيوقف عنده فلهذا قيل للمحمدي الذي له مثل هذا الكشف لا مُقامَ لَكُمْ لكون الأمر دوريا فارجعوا فلا يزال العالم سابحا في فلك الوجود دائما إلى غير نهاية إذ لا نهاية هناك ولا يزال وجه العالم أبدا إلى الاسم الأول الذي أوجده ناظرا ولا يزال ظهر العالم إلى الاسم الآخر المحيط الذي ينتهي إليه بورائه ناظرا فإن العالم يرى من خلفه كما يرى من أمامه ولكن يختلف إدراكه باختلاف الحال عليه ولو لا الاختلاف ما تميز عين ولا كان فرقان‏

إن الوجود رحى علي تدور *** وأنا لها قطب فلست أبور

لو زلت ما دارت ولا كانت رحى *** فالفقر نعت الكون فهو فقير

يا جاهلا بالأمر وهو مشاهد *** اعلم بأنك بالأمور خبير

الجمع يحجب فرقه عن عينه *** وهو الدليل عليه فهو بصير

قيل لطائفة ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فقيل لهم حق لأن الله من وَرائِهِمْ مُحِيطٌ وهو النور فلو لم يضرب بالسور بينه وبينهم لوجدوا النور الذي التمسوه حين قيل لهم فَالْتَمِسُوا نُوراً فإن الحياة الدنيا محل اكتساب الأنوار بالتكاليف وأنها دار عمل مشروع فهي دار ارتقاء واكتساب فلما أقبلوا على الآخرة صارت الدنيا وراءهم فقيل لهم ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً أي لا يكون لأحد نور إلا من حياته الدنيا فحال سور المنع بينهم وبين الحياة الدنيا فالسور دائرة بين النقطة والمحيط فأهل الجنان بين السور والمحيط فالنور من ورائهم وباطن السور إليهم الذي فيه الرحمة ووجه السور الذي هو ظاهره ينظر إلى نقطة المحيط وأهل النار بين النقطة وظاهر السور وظاهِرُهُ من قِبَلِهِ الْعَذابُ إلى الأجل المسمى فهو حائل بين الدارين لا بين الصفتين فإن السور في نفسه رحمة وعينه عين الفصل بين الدارين لأن العذاب من قبله ما هو فيه والرحمة فيه فلو كان فيه العذاب لتسرمد العذاب على أهل النار كما تتسرمد الرحمة على أهل الجنة فالسور لا يرتفع وكونه رحمة لا يرتفع ولا بد أن يظهر ما في الباطن على الظاهر فلا بد من شمول الرحمة لمن هو قبل ظاهر السور ولهذا قيل لهم فَالْتَمِسُوا نُوراً فلو قيل لهم التمسوا رحمة لوجدوها من حينهم بوجود السور فإذا أراد أهل الجنة أن يتنعموا برؤية أهل النار يصعدون على ذلك السور فينغمسون في الرحمة فيطلعون على أهل النار فيجدون من لذة النجاة منها ما لا يجدونه من نعيم الجنة لأن الأمن الوارد على الخائف أعظم لذة عنده من الأمن المستصحب له وينظرن أهل النار إليهم بعد شمول الرحمة فيجدون من اللذة بما هم في النار ويحمدون الله تعالى حيث لم يكونوا في الجنة وذلك لما يقتضيه مزاجهم في تلك الحالة فلو دخلوا الجنة بذلك المزاج لأدركهم الألم‏


مخطوطة قونية
8554
8555
8556
8557
8558
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 14 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!