موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة من وعظ الناس لم يعرفنى ومن ذكّرهم عرفنى فكن أى الرجلين شئت
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 565 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

به الغذاء للجسم ولكن لا يشعر به كثير من الناس إلا العلماء بعلم الطبيعة وذلك أعني صورة قوله أُكُلُها دائِمٌ إن الإنسان إذا أكل الطعام حتى يشبع فذلك ليس بغذاء ولا بأكل على الحقيقة وإنما هو كالجاني الجامع مع المال في خزانته والمعدة خزانة لما جمعه هذا الآكل من الأطعمة والأشربة فإذا جعل فيها أعني في خزانة معدته وما اختزنه فيها ورفع يده حينئذ تتولاها الطبيعة بالتدبير وينتقل ذلك الطعام من حال إلى حال ويغذيه بها في كل نفس يخرج عنه دائما فهو لا يزال في غذاء دائم ولو لا ذلك لبطلت الحكمة في ترتيب نشأة كل متغذ والله حكيم فإذا خلت الخزانة حرك الطبع الجابي إلى تحصيل ما يملؤها به فلا يزال الأمر هكذا دائما أبدا فهكذا صورة الغذاء في المتغذي فالتغذي في كل نفس دنيا وآخرة وكذلك أهل النار وقد وصفهم الله بالأكل والشرب فيها على هذا الحد إلا أنها دار بلاء فيأكلون عن جوع ويشربون عن عطش وأهل الجنة يأكلون ويشربون عن شهوة لالتذاذ لا عن جوع فإنهم ما يتناولون الشي‏ء المسمى غذاء إلا عن علم بأن الزمان الذي كان الاختزان فيه قد فرغ ما كان مختزنا فيه فيسارع إلى الطبيعة بما تدبره فلا يزال في لذة ونعيم لا يحوج الطبيعة إلى طلب وحاجة للكشف الذي هم عليه كما إن أهل النار في الحجاب فلا يعلمون هذا القدر فيجوعون ويظمئون لأن المقصود منهم أن يتألموا فتبين لك أنه لا لذة إلا العلم ولا ألم إلا الجهل والشمس مكورة قد نزع نورها في أعينهم طالعة على أهل النار وغاربة كما تطلع على أهل الدنيا في حال كسوفها وكذلك القمر يسبحان وجميع الدراري على صورة سباحتهم الآن في أفلاكهم لكنها مطموسة في أعينهم فعلى ما هو الأمر في نفسه هم الذين طمس الله أعينهم إذ شاء عن إدراك الأنوار التي في المنبرات فالحجاب على أعينهم كما نعلم أن الشمس هنا في حال كسوفها ما زال نورها منها وإنما القمر حجبها عنا ولو لم يكن كذلك ما عرف أهل التعاليم متى يكون الكسوف وكم يذهب منها في الكسوف عن أعيننا ويقع ذلك على ما ذكروه فلو كان من الأمور التي لا تجري على مقادير موضوعة وموازين محكمة قد أعلمها الله من وفقه لطلب مثل هذا العلم ما علمه وهذا لا يقدح في قولنا إن الشمس قد كسفت أو قد زال نورها عن إدراك أعيننا فإن هذا القدر وهذه الصورة ما ثم من يمنعنا أن نصطلح على أن نطلق عليها اسم كسوف وخسوف وتكوير وطمس فيشهد أهل النار أجرام السيارة طالعة عليهم وغاربة ولا يشهدون لها نورا لما في الدخان من التطفيف فكما كانوا في الدنيا عمياء عن إدراك أنوار ما جاءت به الشرائع من الحق كذلك هم في النار عمي عن إدراك أنوار هذه السيارة وغيرها من الكواكب ومن كانَ في هذِهِ أَعْمى‏ فَهُوَ في الْآخِرَةِ أَعْمى‏ وأَضَلُّ سَبِيلًا وإنما كان أضل سبيلا فإنه في الدنيا يجد من يرشده إلى الطريق ولكن لا يسمع وفي النار ما يجد من يرشده إلى الطريق فإنه ما ثم طريق لكن يجد من يندمه على ما فاته ليزيده حسرة إلى حسرته وعذابا إلى عذابه فليل أهل النار لا صباح له ونهار أهل الجنة لا مساء له أي لا ليل فيه فمن وعظ الناس في عقده طلبا منه بذلك أن ينفع الناس في عقده فما عرف الله بخلاف المذكر فإنه يذكر ويعظ بما عنده ويعلم أن من السامعين من يكون له ذلك الوعظ شفاء ودواء ومن الناس من يزيده مرضا إلى مرضه كما قال تعالى وإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ وهي واحدة فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ بورود العافية عليهم وأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ والسورة واحدة والمزاج مختلف فلا يعرف حقيقة هذه الآية إلا الأطباء الذين يعلمون أن العقار الفلاني فيه شفاء لمزاج خاص من مرض خاص وهو داء وعلة لمزاج خاص وزيادة مرض في مرض خاص فالطبيب أحق الناس علما بهذه الآية وكذلك طبيب القلوب فيما يؤمنها ويخيفها فالحكيم هو الذي يأتي إلى العليل من ما منه ويظهر له بصورة من يعتقد فيه ليستدرجه إلى صورة الحق بالحق الذي يليق به ولكن وقع‏

الأمر الإلهي في العالم بخلاف هذا لأن مشيئة الله تعلقت بأن الله لا يجمعهم على الهدى وأما الطريق في ذلك فمعلوم عند الله وعند أهله لا يشكون فيه فإن الذي يعتقد في مخلوق ما من حجر أو نبات أو حيوان أو كوكب إنه إلهه وهو يعبده ويخاطبه ذلك الإله المشهود له على الكشف بما هو الحق عليه يرجع إلى قوله لاعتقاده فيه كما يرجع إلى قوله في الآخرة ويتبرأ منه كما تبرأ إلهه منه والله قادر على أن ينطقه في الدنيا بذلك في حق من يعبده لكن العلم السابق والمشيئة الإلهية منعا من ذلك ليكون الخلاف في العالم فجرى الأمر على ذلك في الدنيا وبعض‏


مخطوطة قونية
8493
8494
8495
8496
8497
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 565 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!