الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
||
الباب: | فى معرفة منزل الحل والعقد والإكرام والإهانة ونشأة الدعاء فى صورة الإخبار محمدى |
الصفحة 494 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)إحدى عشرة ركعة لأن الواحد ليس من العدد ولو كان الواحد من العدد ما صحت الوترية جملة واحدة لا في العدد ولا في المعدود فكان وتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إحدى عشرة ركعة كل ركعة منها نشأة رجل من أمته يكون قلب ذلك الرجل على صورة قلب النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في تلك الركعة وأما الثاني عشر فهو الجامع للأحد عشر والرجل الذي له مقام الاثني عشر حق كله في الظاهر والباطن يعلم ولا يعلم وهو الواحد الأول فإن أول العدد من الاثنين فإذا انتهيت إلى الاثني عشر فإنما هي نهايتك إلى أحد عشر من العدد فإن الواحد الأول ليس منه ولا يصح وجود الاثني عشر إلا بالواحد الأول مع كونه ليس من العدد وله هذا الحكم فهو في الاثني عشر لا هو كما يقول أنت لا أنت وهؤلاء الاثني عشر هم الذين يستخرجون كنوز المعارف التي اكتنزت في صور العالم فللعالم علم الصور من العالم ولهؤلاء علم ما تحوي عليه هذه الصور وهو الكنز الذي فيها فيستخرجونه بالواحد الأول فهم أعلم الناس بالتوحيد والعبادة ولهم المناجاة الدائمة مع الله الذاتية لمستصحبة استصحاب الواحد للأعداد مثل قوله وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ أي ليس لكم وجود معين دون الواحد فبالواحد تظهر أعيان الأعداد فهو مظهرها ومغنيها فالألف نعته إذا بالألف وقعت ألفة الواحد بمراتب العدد لظهوره ف هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ وإذا ضربت الواحد في نفسه لم يظهر في الخارج بعد الضرب سوى نفسه وفي أي شيء ضربت الواحد لم يتضاعف ذلك الشيء ولا زاد فإن الواحد الذي ضربته في تلك الكثرة إنما ضربته في أحديتها فلهذا لم يظهر فيها زيادة فإن الواحد لا يقبل الزائد في نفسه ولا فيما يضرب فيه فلا يتضاعف فهو واحد حيث كان فتقول واحد في مائة ألف بمائة ألف وواحد في اثنين باثنين وواحد في عشرة بعشرة لا يزيد منه في العدد المضروب شيء أصلا لأن مقام الواحد يتعالى أن يحل في شيء أو يحل فيه شيء وسواء كان من العدد الصحيح أو المكسور لا فرق فهو أعني الواحد يترك الحقائق على ما هي عليه لا تتغير عن ذاتها إذ لو تغيرت لتغير الواحد في نفسه وتغير الحق في نفسه وتغير الحقائق محال ولم يكن يثبت علم أصلا لا حقا ولا خلقا فثبت إن الحقائق لا تنقلب أصلا ولهذا يعتمد على ما يعتمد عليه وهو المسمى علما فلنذكر كل رجل من هؤلاء الأحد عشر الذين انتشوا من وتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بل هذه الصور ربما جعلت رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بوتر بإحدى عشرة ركعة في الصورة الظاهرة وهذه الصور منه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الباطن فإنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين فأنشأها لما كانت هذه صفته فلما ظهر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بجسده استصحبه تلك الصور المعنوية فأقامت جسده ليلا لمناسبة الغيب فحكمت على ظاهره بإحدى عشرة ركعة كان يوتر بها فكانت تره فهي الحاكمة المحكومة له فمنه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم انتشئوا وفيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ظهروا وعليه حكموا بوجهين مختلفين فمن ذلك صورة الركعة الأولى انتشا منها رجل من رجال الله يدعى بعبد الكبير من حيث الصفة إلا أنه اسم له وهو نشأة روحانية معقولة إذا تجسدت كانت في صورة إنسان صفته ما يدعى به وهكذا هي كل صورة من صور هؤلاء الاثني عشر [المفاضلة في الأسماء الإلهية]واعلم أن المفاضلة في الأسماء الإلهية مثل أعلى وأجل في قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حين قال المشركون في رجزهم أعل هبل أعل هبل فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قولوا فقالوا يا رسول الله وما نقول قال قولوا الله أعلى وأجل وهم يسلمون هذا القدر فإنهم القائلون ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى فهو عندهم أعلى وأجل فلو صدقوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في أنه رسول من عند الله الذي يطلبون التقرب إليه بعبادة هؤلاء الآلهة فما سموهم آلهة إلا لكونهم جعلوهم معبودين لهم لأن الإله هو المعبود والآلهة العبادة وقد قرئ ويَذَرَكَ وآلِهَتَكَ أي وعبادتك وإذا قال وآلِهَتَكَ يقول والمعبودين الذين نعبدهم فلما نسبوا الألوهية لهؤلاء الذين عبدوهم ونسبتها لي الله أتم وأعظم عندهم باعترافهم لذلك قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ببنية المفاضلة في ذلك يقول لهم أي هذا قولكم واعتقادكم ولهذا جاء في التكبير في الصلاة لفظة الله أكبر ببنية المفاضلة لا إن الحجارة أفضل ولا ما نحتوه ولا ما نسبوا إليه الألوهية من كوكب وغيره وإنما وقعت المفاضلة في المناسبة لا في الأعيان لأنه لا مفاضلة في الأعيان لأنه ليس بين العبد والسيد ولا الرب والمربوب ولا لخالق والمخلوق مفاضلة فإن تحققت ما أومأنا إليه في نشء هذه الصورة علمت ما آل المشرك بعد المؤاخذة نشء صورة الركعة الثانية من الوتر انتشأ منها رجل من رجال الله تعالى يقال له عبد المجيب |
|
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |