موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة جاءت عن العلوم الكونية وما تتضمنه من العجائب ومن حصلها من العالَم ومراتب أقطابهم وأسرار الاشتراك بين شريعتين والقلوب المتعشقة بعالم الأنفاس وبالأنفاس وأصلها وإلى كم تنتهى منازلها
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 183 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

تعالى فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي فصار للعبد والعالم الذي هو ملك لله سبحانه تصرف إلهي في الجانب الأحمى بما تقتضيه حقيقة العالم بالطلب الذاتي وتصريف آخر بما يقتضيه وضع الشريعة

[الوجوب على الله‏]

فلما كان الأمر على ما ذكرناه من كون الحق يجيب أمر العبد إذا دعاه وسأله كما إن العبد يجيب أمر الله إذا أمره وهو قوله وأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ فشرك في القضية ولما كان الحق يقتضي بذاته أن يتذلل له سواء شرع لعباده أعمالا أو لم يشرع كذلك يقتضي ببقاء وجود عينه حفظ الحق إياه سواء شرع الحق ما شرعه أو لم يشرع ثم لما شرع للعبد أعمالا إذا عملها شرع لنفسه أن يجازي هذا العبد على فعل ما كلفه به فصار الجناب العالي ملكا لهذا الملك الذي هو العالم بما ظهر من أثر العبد فيه من العطاء عند السؤال فانطلق عليه صفة يعبر عنها ملك الملك فهو سبحانه مالك وملك بما يأمر به عباده وهو سبحانه ملك بما يأمره به العبد فيقول رَبِّ اغْفِرْ لِي كما قال له الحق أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي فيسمى ما كان من جانب الحق للعبد أمرا ويسمى ما كان من جانب العبد للحق دعاء أدبا إلهيا وإنما هو على الحقيقة أمر فإن الحد يشمل الأمرين معا وأول من اصطلح على هذا الاسم في علمي محمد بن علي الترمذي الحكيم وما سمعنا هذا اللفظ عن أحد سواه وربما تقدمه غيره بهذا الاصطلاح وما وصل إلينا إلا أن الأمر صحيح ومسألة الوجوب على الله عقلا مسألة خلاف بين أهل النظر من المتكلمين فمن قائل بذلك وغير قائل بها وأما الوجوب الشرعي فلا ينكره إلا من ليس بمؤمن بما جاء من عند الله‏

[الإضافة والمتضايفان‏]

واعلم أن المتضايفين لا بد أن يحدث لكل أحد من المتضايفين اسم تعطيه الإضافة فإذا قلت زيد فهو إنسان بلا شك لا يعقل منه غير هذا فإذا قلت عمرو فهو إنسان لا يعقل منه غير هذا فإذا قلت زيد بن عمرو أو زيد عبد عمرو فلا شك أنه قد حدث لزيد البنوة إذ كان ابن عمرو وحدث لعمرو اسم الأبوة إذ كان أبا لزيد فبنوة زيد أعطت الأبوة لعمرو والأبوة لعمرو أعطت البنوة لزيد فكل واحد من المتضايفين أحدث لصاحبه معنى لم يكن يوصف به قبل الإضافة وكذلك زيد عبد عمرو فأعطت العبودة أن يكون زيد مملوكا وعمرو مالكا فقد أحدثت مملوكية زيد اسم المالك لعمرو وأحدث ملك عمرو لزيد مملوكية زيد فقيل فيه مملوك وقيل في عمرو مالك ولم يكن لكل واحد منهما معقولية هذين الاسمين قبل أن توجد الإضافة فالحق حق والإنسان إنسان فإذا قلت الإنسان أو الناس عبيد الله قلت إن الله ملك الناس لا بد من ذلك فلو قدرت ارتفاع وجود العالم من الذهن جملة واحدة من كونه ملكا لم يرتفع وجود الحق لارتفاع العالم وارتفع وجود معنى الملك عن الحق ضرورة ولما كان وجود العالم مرتبطا بوجود الحق فعلا وصلاحية لهذا كان اسم الملك لله تعالى أزلا وإن كان عين العالم معدوما في العين لكن معقوليته موجودة مرتبطة باسم المالك فهو مملوك لله تعالى وجودا وتقديرا قوة وفعلا فإن فهمت وإلا فافهم‏

[المعية والأينية الإلهيتان‏]

وليس بين الحق والعالم بون يعقل أصلا إلا التمييز بالحقائق فالله ولا شي‏ء معه سبحانه ولم يزل كذلك ولا يزال كذلك لا شي‏ء معه فمعيته معنا كما يستحق جلاله وكما ينبغي لجلاله ولو لا ما نسب لنفسه إنه معنا لم يقتض العقل أن يطلق عليه معنى المعية كما لا يفهم منها العقل السليم حين أطلقها الحق على نفسه ما يفهم من معية العالم بعضه مع بعض لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ قال تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وقال تعالى إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وأَرى‏ لموسى وهارون فنقول إن الحق معنا على حد ما قاله وبالمعنى الذي أراده ولا نقول إنا مع الحق فإنه ما ورد والعقل لا يعطيه فما لنا وجه عقلي ولا شرعي يطلق به إننا مع الحق وأما من نفي عنه إطلاق الأينية من أهل الإسلام فهو ناقص الايمان فإن العقل ينفي عنه معقولية الأينية والشرع الثابت في السنة لا في الكتاب قد أثبت إطلاق لفظ الأينية على الله فلا تتعدى ولا يقاس عليها وتطلق في الموضع الذي أطلقها الشارع‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للسوداء التي ضربها سيدها أين الله فأشارت إلى السماء فقبل إشارتها وقال أعتقها فإنها مؤمنة

فالسائل بالأينية أعلم الناس بالله تعالى وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأول بعض علماء الرسوم إشارتها إلى السماء وقبول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منها لما كانت الآلهة التي تعبد في الأرض وهذا تأويل جاهل بالأمر غير عالم وقد علمنا أن العرب كانت تعبد كوكبا في السماء يسمى الشعرى سنه لهم أبو كبشة وتعتقد فيها أنها رب الأرباب هكذا وقفت على مناجاتهم إياها ولذلك قال تعالى وأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى‏ فلو لم يعبد كوكب في السماء لساغ هذا التأويل لهذا المتأول وهذا أبو كبشة الذي كان شرع عبادة الشعرى هو من‏


مخطوطة قونية
730
731
732
733
734
735
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 183 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!