موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل أتى ولم يأت وحضرة الأمر وحده
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 355 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

ظاهرا وباطنا ثم قال أَ ولَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ من نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ أي بين الخصومة ظاهر بها وقال خَلَقَ الْإِنْسانَ من نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وذلك لدعواه في الربوبية وما خلقه الله إلا عبدا فلا يتجاوز قدره فنازع ربه في ربوبيته وما نازعه مخلوق إلا هو ووصف خصومته بالإبانة دون من وصفه بالخصومة من الملإ الأعلى وغيرهم وفي دعوى غير الربوبية فإنه ما من خصام يكون من مخلوق في أمر خلاف دعوى الربوبية إلا وهو ممكن أن يكون الحق بيده في ذلك ويخفى على السامع والحاكم فلا يدري هل الحق معه أو مع خصمه وهل هو صادق في دعواه أو هو كاذب للاحتمال المتطرق في ذلك إلا دعواه في الربوبية فإنه يعلم من نفسه ويعلم كل سامع من خلق الله أنه كاذب في دعواه وأنه عبد ولذلك خلقه الله فلهذا قيل فيه إنه خصيم مبين أي ظاهر الظلم في خصومته فمن نازع ربه في ربوبيته كيف يكون حاله ثم إن هذا الإنسان ليته يسعى في ذلك في حق نفسه فإنه يعلم من نفسه أنه ليس له حظ في الربوبية ثم يعترف بالربوبية لخلق من خلق الله من حجر أو نبات أو حيوان أو إنسان مثله أو جان أو ملك أو كوكب فإنه ما بقي صنف من المخلوقات إلا وقد عبد منه وما عبده إلا الإنسان الحيوان فأشقى الناس من باع آخرته بدنيا غيره ومن هلك فيما لا يحصل بيده منه شي‏ء فيشهد على نفسه أنه أجهل الناس بغيره وأعلم الناس بنفسه لأنه ما ادعاها لنفسه ومن ادعاها لنفسه فإنما فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ لذلك وهو يعلم خلاف ذلك من نفسه ولذلك قال ما عَلِمْتُ لَكُمْ من إِلهٍ غَيْرِي أي في اعتقادكم‏

[أن الحق تعالى لا يخلق شيئا بشي‏ء لكن يخلق شيئا عند شي‏ء]

واعلم أن الحق تعالى لا يخلق شيئا بشي‏ء لكن يخلق شيئا عند شي‏ء فكل ما يقتضي

الاستعانة والسببية فهي لام الحكمة فما خلق الله شيئا إلا للحق والحق أن يعبدوه فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وما ذاك إلا من عمى القلوب الَّتِي في الصُّدُورِ عن الحق فلو كانت غير معرضة عن الحق مقبلة عليه لأبصرت الحق فأقرت بالربوبية له في كل شي‏ء ولم يشرك بعبادة ربه أحدا ولذلك قال فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً والصالح الذي لا يدخله خلل فإن ظهر فيه خلل فليس بصالح وليس الخلل في العمل وعدم الصلاح فيه إلا الشرك فقال ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً فنكر فعم كل من ينطلق عليه اسم أحد وهو كل شي‏ء في عالم الخلق والأمر وعم الشرك الأصغر وهو الشرك الذي في العموم وهو الربوبية المستورة المنتهكة في مثل فعلت وصنعت وفعل فلان ولو لا فلان فهذا هو الشرك المغفور فإنك إذا راجعت أصحاب هذا القول فيه رجعوا إلى الله تعالى والشرك الذي في الخصوص فهم الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ الله إِلهاً آخَرَ وهو الظلم العظيم الذي ظلموا به هذا المقول عليه إنه إله مع الله فظلموا الله في وحدانية الألوهية له وظلموا الشريك في نسبة الألوهية إليه فيأخذهم الله بظلم الشريك لا بظلمه في أحديته فإن الذي جعلوه شريكا يتبرأ منهم يوم القيامة حيث تظهر الحقوق إلى أربابها المستحقين لها فعلى الحقيقة أن الله لا يخلق شيئا بشي‏ء وإن خلقه لشي‏ء فتلك لام الحكمة وعين خلقه عين الحكمة إذ خلقه تعالى لا يعلل فالخلق عبد بالذات أثرت فيه العوارض ولا سيما الشخص الإنساني بل ما أثرت العوارض إلا في الشخص الإنساني وحده دون سائر الخلق وما سواه فعلى أصله من تنزيه خالقه عن الشريك ولذلك قال وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ وهذا ضمير الجمع في تفقهون إنما هم الناس خاصة فجميع المخلوقات عبدوا الله إلا بعض الناس فالإنسان أَلَدُّ الْخِصامِ حيث خاصم فيما هو ظاهر الظلم فيه وليس إلا الربوبية وهل رأيتم عبدا يخاصم ربه إلا إذا خرج عن عبوديته وزاحم سيده في ربوبيته فادعى ملكا لنفسه فإذا تصرف فيه سيده نازعه فيه وخاصمه فما وقعت خصومة من عبد في عبودية وإنما وقعت فيما هو رب فيه ومالك له وكثير من أهل الله من العلماء منهم ممن لا أذكره ولا أسميه فإن هذه النسبة إليه نسبة تنص على جهله فلذلك تأدبت معه فقرروا المخلوق به على وجهين فمنهم من جعل هذا الحق المخلوق به عين علة الخلق والحق تعالى لا يعلل خلقه هذا هو الصحيح في نفسه حتى لا يعقل فيه أمر يوجب عليه ما ظهر من خلقه بل خلقه الخلق منة منه على الخلق وابتداء فضل وهو الغني عن العالمين ومنهم من جعل هذا الحق المخلوق به عينا موجودة بها خلق الله ما سواها وهم القائلون بأنه ما صدر عن الواحد إلا واحد وكان صدور ذلك الواحد صدور معلول عن علة أوجبت العلة صدوره وهذا فيه ما فيه والذي أقول به إنه‏

إذا جاء أمر الله فالآمر الأمر *** وذلك توحيد إلى من له الأمر


مخطوطة قونية
7650
7651
7652
7653
7654
7655
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 355 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!