موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل التوكل الخامس الذى ما كشفه أحد من المحققين لقلة القابلين له وقصور الأفهام عنه
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 344 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

بلا تجوز فإني قد أشرت إلى أمرين فقد وقع التمييز فلا بد من فصل يعقل لو لا ذلك الفصل ما كانت كثرة في عين الواحد فلم يبق للواحد سوى أحديته التي يقال بها لا هو عين الآخر وبالذي يقال به هو عين الآخر هو أحدية الكثرة فإنه كثرة بإطلاق ألف با جيم عليه ثم قال في إقامة البرهان كل هذا هو هذا فأشار فكثر وأعاد الضمير فوحد فوصل وفصل‏

فالفصل في عين الوصل لمن عقل فإذا وقف الغير على ما قدمناه وعلم أنه ما كان على صورة العالم وإنما كان على صورة الحق أسرى به الحق في أسمائه ليريه من آياته فيه فيعلم أنه المسمى بكل اسم إلهي سواء كان ذلك الاسم من المنعوت بالحسن أو لا وبها يظهر الحق في عباده وبها يتلون العبد في حالاته فهي في الحق أسماء وفينا تلوينات وهي عين الشئون التي هو فيها الحق ففينا بنا يتصرف كما نحن به فيه نظهر ولهذا قلنا

دليلي فيك تلويني *** وهذا منك يكفيني‏

فلم أسأل عن الأمر *** الذي إليك يدعوني‏

فإني لست أدريه *** وليس الأمر يدريني‏

فلو يدريني الأمر *** لما ميزت تكويني‏

ولا قلنا ولا قالوا *** سيهديني ويحييني‏

وقد قالوا وقد قلنا *** فأعنيه ويعنيني‏

فأفنيه وأبقيه *** ويفنيني ويبقيني‏

فارضيه فيمدحني *** وأغضبه فيهجوني‏

فإذا أسرى الحق بالولي في أسمائه الحسنى إلى غير ذلك من الأسماء وكل الأسماء الإلهية علم تقلبات أحواله وأحوال العالم كله وإن ذلك التقلب هو الذي أحدث فينا عين تلك الأسماء كما علمنا أن تقلبات الأحوال أحكام تلك الأسماء فاسم الحال الذي انقلبت منه والذي انقلبت إليه هو اسمي به أقلب كما به تقلبت فبالرءوف الرحيم كان صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بالمؤمنين رءوفا رحيما وبالمؤمن كان مؤمنا وبالمهيمن كان مهيمنا فجعلنا شهداء بعضنا على بعض وعلى أنفسنا وبالصبور والشكور كان ما ابتلي به من الريح لسوق الجواري في البحر آية لِكُلِّ صَبَّارٍ لما فيها من الأمر المفزع الهائل شَكُورٍ لما فيها من الفرح والنعمة بالوصول إلى المطلوب بسرعة ولقد رأيت ذلك ذوقا من نفسي جرينا بالريح الشديد من ضحى يومنا إلى غروب الشمس مسيرة عشرين يوما في موج كالجبال فكيف لو كان البحر فارغا والربح من ورائنا كنا نقطع أكثر من ذلك ولكن أراد الله أن يرينا آيات كل صبار شكور فما من اسم سمي به نفسه إلا وسمانا به فبها نتقلب في أحوالنا وبها نقلب فمن علم هذه الآيات فقد أسرى الحق به في أسمائه فأراه من آياته ليكون سميعا بصيرا سميعا لما يخبر به الحق من التعريفات باللسان الخاص وهو ما أنزله من كلامه الذي نسبه إليه وباللسان العام وهو ما يتكلم به جميع العالم مما يتكلمون به كان ما كان فإنه قد سمعنا ما حكاه الحق لنا من كلام اليهود فيه وسمعناه من اليهود فسمعناه باللسان العام والخاص فحكى ما نطقهم به إذ ليس في وسع المخلوق أن ينطق من غير أن ينطق فإذا نطق نطق فافهم فحكى به عنهم بهم عنه فإذا كمل حظه من الإسراء في الأسماء وعلم ما أعطته من الآيات أسماء الله في ذلك الإسراء عاد يركب ذاته تركيبا غير ذلك التركيب الأول لما حصل له من العلم الذي لم يكن عليه حين تحلل فما زال يمر على أصناف العالم ويأخذ من كل عالم ما ترك عنده منه فيتركب في ذاته فلا يزال يظهر في طور طور إلى أن يصل إلى الأرض فيصبح في أهله وما عرف أحد ما طرأ عليه في سره حتى تكلم فسمعوا منه لسانا غير اللسان الذي كانوا يعرفونه فإذا قال له أحدهم ما هذا يقول له إن الله أسرى بي فأراني من آياته ما شاء فيقول له السامعون ما فقدناك كذبت فيما ادعيت من ذلك ويقول الفقيه منهم هذا رجل يدعي النبوة أو قد دخله خلل في عقله فهو إما زنديق فيجب قتله وإما معتوه فلا خطاب لنا معه فيسخر به قوم ويعتبر به آخرون ويؤمن بقوله آخرون وترجع مسألة خلاف في العالم وغاب الفقيه عن قوله تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ ولم يخص طائفة من طائفة فمن أراه الله شيئا من هذه الآيات على هذه الطريقة التي ذكرناها فليذكر ما رآه ولا يذكر الطريقة فإنه يصدق وينظر في كلامه ولا يقع الإنكار عليه إلا إذا ادعى الطريقة

[رؤية الآيات وتقلبات الأحوال في العالم كله آيات‏]

واعلم أنه ليس بين العالم وصاحب هذه الطريقة والصفة فرق في الإسراء لأنه لرؤية الآيات وتقلبات الأحوال في العالم كله آيات فهم فيها ولا يشعرون فما يزيد هذا الصنف على سائر الخلق المحجوبين إلا بما يلهمه الله في سره من النظر بعقله وبفكره أو من التهيؤ بصقالة مرآة قلبه ليكشف له عن هذه الآيات كشفا وشهودا وذوقا ووجودا فالعالم ينكرون عين ما هم‏


مخطوطة قونية
7603
7604
7605
7606
7607
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 344 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!