موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الاشتراك مع الحق فى التقدير
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 295 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

فهم لهم ما لكون فملكوها بتمليك الله بخلاف الإنسان الحيواني فإنه يملكها عند نفسه بنفسه غافلا عن إنعام الله عليه بذلك فيتصرف في المخلوقات الإنسان الحيوان بحكم التبعية ويتصرف الإنسان الكامل فيها بحكم التمليك الإلهي فتصرفه فيها بيد الله وبمال الله الذي آتاه كما قال تعالى آمرا في حق المماليك وآتُوهُمْ من مالِ الله الَّذِي آتاكُمْ فكل مخلوق في العالم فمضاف خلقه إلى يد إلهية لأنه قال مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا فجمع فكل يد خالقة في العالم فهي يده يد ملك وتصريف فالخلق كله لله أَلا لَهُ الْخَلْقُ والْأَمْرُ وقد ورد أن شجرة طوبى غرسها الله بيده وخلق جنة عدن بيده فوحد اليد وثناها وجمعها وما ثناها إلا في خلق آدم عليه السلام وهو الإنسان الكامل ولا شك أن التثنية برزخ بين الجمع والإفراد بل هي أول الجمع والتثنية تقابل الطرفين بذاتها فلها درجة الكمال لأن المفرد لا يصل إلى الجمع إلا بها والجمع لا ينظر إلى المفرد إلا بها فبالإنسان الكامل ظهر كمال الصورة فهو قلب لجسم العالم الذي هو عبارة عن كل ما سوى الله وهو البيت المعمور بالحق لما وسعه‏

يقول تعالى في الحديث المروي ما وسعني أرض ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن‏

فكانت مرتبة الإنسان الكامل من حيث هو قلب بين الله والعالم وسماه بالقلب لتقليبه في كل صورة كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ وتصريفه واتساعه في التقليب والتصريف ولذلك كانت له هذه السعة الإلهية لأنه وصف نفسه تعالى بأنه كل يوم في شأن واليوم هنا الزمن الفرد في كل شي‏ء فهو في شئون وليست التصريفات والتقليبات كلها في العالم سوى هذه الشئون التي الحق فيها ولم يرد نص عن الله ولا عن رسوله في مخلوق أنه أعطى كن سوى الإنسان خاصة

فظهر ذلك في وقت في النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في غزوة تبوك فقال كن أبا ذر فكان أبا ذر

وورد الخبر في أهل الجنة أن الملك يأتي إليهم فيقول لهم بعد أن يستأذن في الدخول عليهم فإذا دخل ناولهم كتابا من عند الله بعد أن يسلم عليهم من الله فإذا في الكتاب لكل إنسان يخاطب به من الحي القيوم الذي لا يموت إلى الحي القيوم الذي لا يموت أما بعد فإني أقول للشي‏ء كُنْ فَيَكُونُ وقد جعلتك تقول للشي‏ء كن فيكون فقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فلا يقول أحد من أهل الجنة للشي‏ء كن إلا ويكون‏

فجاء بشي‏ء وهو من أنكر النكرات فعم وغاية الطبيعة تكوين الأجسام وما تحمله مما لا تخلو عنه وتطلبه بالطبع ولا شك أن الأجسام بعض العالم فليس لها العموم وغاية النفس تكوين الأرواح الجزئية في النشآت الطبيعية والأرواح جزء من العالم فلم يعم فما أعطى العموم إلا الإنسان الكامل حامل السر الإلهي فكل ما سوى الله جزء من كل الإنسان فاعقل إن كنت تعقل وانظر في كل ما سوى الله وما وصفه الحق به وهو قوله وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ووصف الكل بالسجود وما جعل لواحد منهم أمرا في العالم ولا نهيا ولا خلافة ولا تكوينا عاما وجعل ذلك للإنسان الكامل فمن أراد أن يعرف كماله فلينظر في نفسه في أمره ونهيه وتكوينه بلا واسطة لسان ولا جارحة ولا مخلوق غيره فإن صح له المعنى في ذلك فهو عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ في كماله فإنه عنده شاهد منه أي من نفسه وهو ما ذكرناه فإن أمر أو نهى أو شرع في التكوين بوساطة جارحة من جوارحه فلم يقع شي‏ء من ذلك أو وقع في شي‏ء دون شي‏ء ولم يعم مع عموم ذلك بترك الواسطة فقد كمل ولا يقدح في كماله ما لم يقع في الوجود عن أمره بالواسطة فإن الصورة الإلهية بهذا ظهرت في الوجود فإنه أمر تعالى عباده على السنة رسله عليه السلام وفي كتبه فمنهم من أطاع ومنهم من عصى وبارتفاع الوسائط لا سبيل إلا الطاعة خاصة لا يصح ولا تمكن إباية

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يد الله مع الجماعة

وقدرته نافذة ولهذا إذا اجتمع الإنسان في نفسه حتى صار شيئا واحدا نفذت همته فيما يريد وهذا ذوق أجمع عليه أهل الله قاطبة فإن يد الله مع الجماعة فإنه بالمجموع ظهر العالم والأعيان ليست إلا هو أنظر في قوله تعالى ما يَكُونُ من نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ثم قال ولا أَدْنى‏ من ذلِكَ وهو ما دون الثلاثة ولا أَكْثَرَ وهو ما فوق الثلاثة إلى ما لا يتناهى من العدد إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا وجودا أو عدما حيثما فرضوا فهو سبحانه ثان للواحد فإن المعية لا تصح للواحد من نفسه لأنها تقتضي الصحبة وأقلها اثنان وهو ثالث للاثنين ورابع للثلاثة وخامس للأربعة بالغا ما بلغ وإذا أضيفت المعية للخلق دون الحق فمعية الثاني ثاني اثنين ومعية الثالث للاثنين ثالث ثلاثة ومعية الرابع للثلاثة رابع أربعة بالغا ما بلغ لأنه عين ما هو معه في المخلوقية فهو من جنسه والحق ليس كذلك ف لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فليس بثالث ثلاثة ولا خامس خمسة فافهم‏


مخطوطة قونية
7389
7390
7391
7392
7393
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 295 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!