موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الظلمات المحمودة والأنوار المشهودة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 278 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

ولم يذكر حقائق المسميات فعلم بعضا ولم يعلم بعضا فالمسميات هو قوله هؤلاء وهي المشار إليها في قوله تعالى أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وأراد بالأسماء هنا الأسماء الإلهية التي استند إليها المشار إليهم بهؤلاء في إيجادهم وأحكامهم توبيخا للملائكة وتقريرا يقول هل سبحتموني بهذه الأسماء أو قدستموني بها حيث قالوا ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ فزكوا نفوسهم وجرحوا خليفة الله في أرضه ولم يكن ينبغي لهم ذلك ولكن لتعلم إن أحدا من العالم ما قدر الله حق قدره إذ لا أعلم من الملائكة بالله وما ينبغي لجلاله من التعظيم ومع هذا قالوا أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها فهذه الأداة هنا لا ينبغي أن تكون إلا من الأعلى في حق الأدنى مثل قوله تعالى أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ من دُونِ الله بل أشد من هذا هو قولهم أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها

لما رأوا جهة الشمال ولم يروا *** منه يمين القبضة البيضاء

فإن قوله أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ قد يكون تقريرا للحجة على من عبد عيسى عليه السلام وأمه وقالوا إنهما إلهان فإذا قال عيسى عليه السلام في الجواب سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ والمدعي يسمع ذلك وقد علم بقرينة الحال والموطن ذلك المدعي إن عيسى ليس من أهل الكذب وأن إنكاره لما ادعوه صحيح علمنا عند ذلك أنه تعالى أراد توبيخهم وتقريرهم فالاستفهام لعيسى عليه السلام والتقرير والتوبيخ لمن عبده فإن الاستفهام لا يصح من الله جملة واحدة ويصح منه تعالى التقرير لإقامة الحجة والتوبيخ فإن الاستفهام على الحقيقة لا يكون إلا ممن لا يعلم ما استفهم عنه وأما ظلمة البعد في قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ ويا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وفي مثل قوله تُوبُوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وأمثاله فهذا من حكم الأسماء الإلهية إذ كان لكل وقت اسم إلهي له الحكم في عين ما من أعيان العالم فإن كان من الأسماء التي أحكامها تناقض حكم ما أمر به المكلف أو نهي عنه فإن الاسم الإلهي الذي يعطيهم موافقة ما أمر الله به هذا المخالف أو نهى عنه بعيد عنه فيناديه ليرجع إليه ويصغي إلى ندائه ليكون له الحكم فيه سواء كان الدعاء من قريب أو بعيد لكنه بالضرورة لعدم الموافقة فيما أمر الله به بعيد أ لا ترى الإشارة تكون مع القرب من المشير والمشار إليه إذا كان معهما ثالث لا يريد المخبر أو المخبر أو هما أن يعلم الثالث الحاضر ما يريد المخبر أن يلقيه إلى صاحبه فيشير إليه من حيث لا يعلم الثالث والإشارة عند القوم نداء على رأس البعد ويقولون أيضا أبعدكم من الله أكثركم إشارة إليه والعلة في ذلك أنها تدل على الجهل بالله تعالى فلا فرق بينه في تلك الحالة وبين من لا يبلغه الصوت وتبلغه الإشارة فهذه كلها ظلمة قد حجبت الثالث عن علم ما بين الاثنين فهذه ظلمة الدعاء والإشارة فاجعل بالك فإن الله قد نبه أقواما من عباده وأيه بهم على أمور بكلام لا يفهمه إلا المرادون به وهو الرمز قال تعالى أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وأما ظلمة التسوية بين الأمرين فإنما سميت ظلمة لأن التسوية بين الأمرين محال لأن التسوية المحققة المثلية من جميع الوجوه لا من بعض الوجوه ولا من أكثرها محال بين الأمرين قال تعالى سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لأنهم قالوا سَواءٌ عَلَيْنا أَ وَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ من الْواعِظِينَ فكان الله حكى لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وعرفه بأن حالهم ما ذكروه عن نفوسهم فهذه ظلمة قد تكون ظلمة جهل وقد تكون ظلمة جحد لهوى قام بهم وهو من أشد الظلم ولكن هذه كلها سدف سحرية بالنظر والإضافة إلى ظلمة الجهل الذي هو نفي العلم من المحل بالكلية وهوقوله فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

فنفى العلم والطرق الموصلة إليه العلم بذلك فهذه أشد ظلمة في العالم إلي فإن اعتقاد الشي‏ء على خلاف ما هو به قد علم الشي‏ء وما علم حقيقته أي علم في الجملة أن اسمه كذا ثم اعتقد فيه ما ليس هو عليه فقد اعتقد أمرا ما فظلمته دون ظلمة نفي العلم من المحل كما قال تعالى في أمثالهم وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وهذه شائعة في الشقي والسعيد ففي السعيد فيمن مات على غير توبة وهو يقول بإنفاذ الوعيد فيغفر له فكان الحكم للمشيئة فسبقت بسعادتهم فتبين لهم عند ذلك أنهم اعتقدوا في ذلك الأمر خلاف ما هو ذلك الأمر عليه فإن الذي هو عليه إنما هو الاختيار والذي عقدوا عليه كان عدم الاختيار فمثل هذا يسمى ظلمة الشبهة

يا بنى الزوراء ما لي ولكم *** إنني آل لمن لا يهتضم‏


مخطوطة قونية
7323
7324
7325
7326
7327
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 278 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!