موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل ثلاثة أسرار مختلفة الأنوار والفرار والإنذار وصحيح الأخبار
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 264 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الكشف والشهود لما ذكرناه فإذا علم أو شاهد أن العالم كله ناطق بتسبيح خالقه والثناء عليه وهو في حال الشهود له كيف يتمكن له الزهد فيمن هذه صفته وعينه وذاته وصفاته من جملة العالم وقد أشهده الله وأراه آياته في الآفاق وهي ما خرج عنه وفي نفسه وهي ما هو عليه فلو خرج عن غيره ما خرج عن نفسه فمن خرج عن العالم وعن نفسه فقد خرج عن الحق ومن خرج عن الحق فقد خرج عن الإمكان والتحق بالمحال ومن حقيقته الإمكان لا يلحق بالمحال إذن فدعواه بأنه خرج عن كل ما سوى الله جهل محض وإنما ذلك انتقال أحوال لا يشعر بها لجهله فيخيل له جهله أن العالم بمعزل عن الله والله بمعزل عن العالم فيطلب الفرار إليه فهذا فرار وهمي وسبب ذلك عدم الذوق للأشياء وكونه سمع في التلاوة فَفِرُّوا إِلَى الله وهو صحيح إلا إن هذا الفار بهذه المثابة لم يجعل باله إلى ما ذكر الله في الآية التي أتبعها هذه الآية وهي قوله ولا تَجْعَلُوا مَعَ الله إِلهاً آخَرَ فلو عرف هذا التتميم عرف قوله فَفِرُّوا إِلَى الله إنه الفرار من الجهل إلى العلم وأن الأمر واحد أحدي وأن الذي كان يتوهمه أمرا وجوديا من نسبة الألوهة لهذا الذي اتخذه إلها محال عدمي لا ممكن ولا واجب فهذا معنى الفرار المأمور به فإليه من حيث نسبة الألوهة إليه يكون الفرار فافهم وأما الفرار الثاني المتلو فقوله عن موسى عليه السلام فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ لما علم إن الله وضع الأسباب وجعل لها أثرا في العالم بما يوافق الأغراض وبما لا يوافقها وبما يلائم الطبع وبما لا يلائمه وخلق الحيوان على مزاج يقبل به الألم واللذة بخلاف النبات والجماد فإنهما وإن اتصفا بالحياة عند أهل الكشف فإنهما على مزاج لا يقبل اللذة والألم ووقع من موسى عليه السلام ما وقع من قتل القبطي ففر إلى النجاة التي يمكن أن تحصل له بالفرار فرأى إن الفرار من الأسباب الإلهية الموضوعة في بعض المواطن لوجود النجاة فهو فرار طبيعي لأنه ذكر أن الخوف من السبب جعله يفر لكنه معرى عن التعريف بما ذكرناه من الوضع الإلهي فلم يوف النظر العقلي حقه فإن هذا كان قبل نبوته ومعرفته بما يريده الحق به فلما فر خوفا من فرعون تلقاه الحق بالنجاة وجمع بينه وبين رسول من رسله وهو شعيب عليه السلام ثم أعطاه النبوة والحكم الذي خاطب الله به القبط وبنى إسرائيل إن يكونوا عليه وأرسله بذلك إلى من خاف منه فكان ذلك الإرسال كالعقوبة لما لحقه من الخوف من السبب الموضوع ولم يوف السبب الموضوع حقه أعني النظر العقلي فكان ينبهه في الفرار أنه خوف من الله إذ لا قدرة مؤثرة للممكن في إيصال خير أو شر إلى ممكن آخر وإن ذلك كله بيد الله فجاءه بالرسالة والحكم من عند الله وأمنه بما أعطاه الله من العلم بما يؤول إليه أمره مع فرعون وآله وأراه إذ كلمه ما أراه من قلب العصا حية وإنما قلنا عقوبة كان ذلك الإرسال إلى فرعون وإن الخوف معه باق منه لقوله تعالى له ولأخيه حين قالا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى‏ فقال الله لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وأَرى‏ وقال لهما فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ ما نسي مما كان قد علم من امتناننا عليه أَوْ يَخْشى‏ يقول أو يخاف مما يعرفه من أخذنا وبطشنا الشديد بمن قال مثل مقالته ممن تقدمه وحصل عنده العلم به وهذا مثل قوله تعالى لنبينا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقوله تعالى فَبِما رَحْمَةٍ من الله لِنْتَ لَهُمْ ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا من حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ واسْتَغْفِرْ لَهُمْ وشاوِرْهُمْ في الْأَمْرِ فهذا جدال في الله لين مأمور به وتعطف والترجي من الله إذا ورد واقع بلا شك ولهذا قال العلماء إن كلمة عسى من الله واجبة وقد ترجى من فرعون التذكر والخشية فلا بد أن يتذكر فرعون ذلك في نفسه وأن يخشى ولكن لم يظهر من ذلك شيئا على ظاهره وإن كان قد حكم التذكر والخشية على باطنه ولذلك لم يبطش بموسى ولا بأخيه في المجلس فإنه صاحب السلطان والقهر في‏

ذلك الوقت فما منعه إلا ما قام به من التذكر والخشية من الحق ومانع آخر فلم يكن هناك إذ لو كان هناك مانع آخر ظاهر يلجأ إليه موسى عليه السلام ما قال إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى‏ لعدم التكافؤ في القوة الظاهرة فأيده بما أوصاهما به من القول باللين فكانت هذه المخاطبة من جنود الله قابل بها جنود باطن فرعون فهزمهم بإذن الله فتذكر وخشي لما انهزم جيشه الذي كان يتقوى به فذل في نفسه فشغلته تلك الذلة والمعرفة عن إن يحكم بقوة ظاهرة فلم يبطش بهما في ذلك المجلس فهذه فائدة العلم فإن العلم إذا لم يتمر لصاحبه ما تعطيه حقيقته فما ثم علم أصلا ولا ذلك عالم وقد تقدم الكلام في مثل هذا فيما مضى من المنازل فالناس يأخذون بهذا الفرار الموسوي ولا يعرفون حقيقة ما أخذوا به ولا


مخطوطة قونية
7262
7263
7264
7265
7266
7267
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 264 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!