موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة المنزل الذى منه خبأ النبى --ص-- لابن صياد سورة الدخان من القرآن العزيز
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 155 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

فأحسن تأديبي‏

ولو نطق النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم للحاضرين بقصده فيما خبا له لارتدت جماعة من الحاضرين لذلك ولكن الله عصم نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عن القول ولم يخرجه العلم بالخبيئة عن كونه كاهنا والحاضرون يعرفون أمر الكهنة وشأنهم ولا سيما أهل اليمن والحجاز وجزيرة العرب فلم يخرجه ذلك العلم عن قدره عند الحاضرين وفي هذه المسألة أمور عظيمة يتسع الشرح فيها إلى أمر عظيم‏

ترك الرضي لا يكون *** إلا لمن هو دون‏

فإن يكن لك حالا *** فكل صعب يهون‏

وإن أبيت رضاه *** فما يشاء يكون‏

هذا المنزل منه خبا رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لابن صياد سورة الدخان من القرآن وهو منزل عظيم فيه من المكر الإلهي والاستدراج ما لا تأمن مع العلم به الملائكة من مكر الله فالعاقل إذا لم يكن من أهل الاطلاع في تصرفاته فلا أقل من أنه لا يزيل الميزان المشروع له الوزن به في تصرفاته من يده بل من يمينه فيحفظه في نفس الأمر من هذا المكر ولا يخرج عن لوازم عبوديته وأحكامها طرفة عين يعطي من الزيادات في العلوم والأمور ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال ممكن يكون العروج إليه من الأرواح المفارقة وغيرها منه تبدو العلامات على صدق الصادق وكذب الكاذب من حصل فيه حصل علم الحكمة الجامعة وتميز له الشقي من السعيد فيه تختلف أحوال الناظرين فما يراه زيد نورا يراه عمرو ظلمة ويراه جعفر نورا وظلمة معا فإنه يكشف به الأشياء فيقول هذا نور ويبصره من حيث عينه فيقول ظلمة فيه تكون المنازلات كلها يلتقي فيه الحق النازل والخلق الصاعد فيقول الحق للصاعد إلى أين فيقول إليك ويقول الخلق للنازل إلى أين فيقول إليك فيقول قد التقينا فتعال حتى يعين كل واحد منا ما السبب الذي أوجب لكل واحد منا طلب صاحبه فيقول الحق قصدت بالنزول إليك لنريحك من التعب فنعطيك ونهبك من غير مشقة ولا نصب وأنت في أهلك مستريح لم يكن لي قصد غير هذا ويقول الخلق قصدت بالعروج إليك تعظيما لك وخدمة لنقف بين يديك وأنت على سرير ملكك وقد علم الملأ الأعلى أني خليفتك وأني أعلم بك منهم لما خصصتني به فإذا رآني الملأ الأعلى بين يديك اقتدوا بي فيما أقوم به بين يديك مما ينبغي لمثلي أن يتأدب معك به فيحصل لهم بالمشاهدة من علم الأدب معك ما لم يكن عندهم لأني رأيتهم جاهلين بمنزلتك مع كونهم يسبحونك لا يفترون تقول لهم إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً فيعارضونك فيه بما حكيت لي عنهم أنهم قالوا ولم يكن ينبغي لهم إلا السمع كما لك الأمر فلما علمت إن الأدب الإلهي ما استحكم فيهم وقد أمرتني بتعليمهم ورأيت أن التعليم بالحال والفعل أتم منه بالقول والعمارة قصدت العروج إليك ليرى الملأ الأعلى بالحال والفعل ما ينبغي أن يعامل به جلالك والاستواء أشرف حال ظهرت به إلى خلقك ومع ذلك اعترضوا عليك فكيف لو نزلت إلى‏

أدنى من حالة الاستواء من سماء وأرض فيقول الحق نعم ما قصدت مثلك من يقدر قدر الأشياء فإنه من عرف قدره وقدر الأشياء عرف قدري وو فاني حقي أ لا ترى محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لما فرضت عليه وعلى أمته خمسين صلاة نزل بها ولم يقل شيئا ولا اعترض ولا قال هذا كثير فلما نزل إلى موسى عليه السلام فقال له راجع ربك عسى إن يخفف عن أمتك فإني قاسيت من بنى إسرائيل في ذلك أهوالا وأمتك تعجز عن حمل مثل هذا وتسأم منه فبقي محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم متحيرا الأدب الكامل يعطيه ما فعل من عدم المعارضة والشفقة على أمته تطلبه بالتخفيف عنها حتى لا يعبد الله بضجر ولا كره ولا ملل ولا كسل فبقي حائرا فهذا ما أثرت الوسائط والجلساء فأخذ يطلب الترجيح فيما قاله موسى عليه السلام وفيما وفى هو صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من حق الأدب مع الله وقد كان الله تقدم إليه عند ذكر جماعة من الأنبياء عليه السلام منهم موسى عليه السلام بأن قال له أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ فتأول إن هذا الذي أشار به عليه من هداهم ولم يتفطن في الوقت إن موسى عليه السلام لما كان في حال هداه ما سأل التخفيف وذلك الهدى هو الذي أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن يقتدي به فأعطاه هذا الاجتهاد الرجوع إلى الله فسأله التخفيف فما زال يرجع بين الله تعالى وبين موسى عليه السلام إلى أن قال ما أعطاه الأدب استحييت من ربي وانتهى الأمر


مخطوطة قونية
6784
6785
6786
6787
6788
6789
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 155 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!