موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل تجديد المعدوم وهو من الحضرة الموسوية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 130 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

عليه بحكمه وأما إذا أتاه القرآن من ربه فإنه القرآن المقيد بالصفات التي ذكرناها فيتلقاه أيضا هذا العبد كما تلقاه من الرحمن بأهل وسهل ومرحب ويجعل قلبه عرشا له من حيث تلك الصفة المعينة فيكسوه القرآن صفة ما جاء به من عظمة أو مجد أو كرم فظهرت صورة القرآن في مرآة هذا القلب فوصف القلب بما وصف به القرآن فإن كان نزوله بصفة العظمة أثر في القلب هيبة وجلالا وحياء ومراقبة وحضورا وإخباتا وانكسارا وذلة وافتقارا وانقباضا وحفظا ومراعاة وتعظيما لشعائر الله وانصبغ القرآن كله عنده بهذه الصفة فأورثه ذلك عظمة عند الله وعند أهل الله ولم يجهل أحد من المخلوقات عظمة هذا الشخص إلا بعض الثقلين لأنهم ما سمعوا نداء الحق عليه بالتعريف وقد ورد عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه قال إذا أحب الله عبدا قال لجبريل إني أحب فلانا فيحبه جبريل ثم يأمره أن يعلم بذلك أهل السماء فيقول ألا إن الله تعالى قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء كلهم ثم يوضع له القبول في الأرض‏

ولكن عند من وأين كان قتلة الأنبياء من هذا القبول أخبرنا صاحبنا موسى السدراني وكان صاحب خطوة محمولا قال لما وصلت إلى جبل قاف وهو جبل عظيم طوق الله به الأرض وطوق هذا الجبل بحية عظيمة قد جمع الله رأسها إلى ذنبها بعد استدارتها بهذا الجبل قال موسى فاستعظمت خلقها قال فقال لي صاحبي الذي كان يحملني سلم عليها فإنها ترد عليك قال ففعلت فردت السلام وقالت كيف حال الشيخ أبي مدين فقلت لها وأنى لك بالعلم بهذا الشيخ فقالت وهل على وجه الأرض أحد يجهل الشيخ أبا مدين فقلت لها كثير يستخفونه ويجهلونه ويكفرونه فقالت عجبا لبني آدم إن الله مذ أنزل محبته إلى من في الأرض وإلى الأرض عرفته جميع البقاع والحيوانات وعرفته أنا في جملة من عرفه فما تخيلت أن أحدا من أهل الأرض يبغضه ولا يجهل قدره كما هم أهل السماء في حق من أحبه الله فلما سمعت منه هذه الحكاية قلت أين هذا الأمر من كتاب الله قال لا أدري قلت له لما خلق الله آدم الإنسان الكامل على الصورة أعطاه حكمها في العالم حتى تصح النسبة والنسب فقال تعالى أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ من في السَّماواتِ ومن في الْأَرْضِ فأطلق والشَّمْسُ والْقَمَرُ والنُّجُومُ والْجِبالُ والشَّجَرُ والدَّوَابُّ فعم الأمهات والمولدات وما ترك شيئا من أصناف المخلوقات فلما وصل بالتفصيل إلى ذكر الناس قال وكَثِيرٌ من النَّاسِ ولم يقل كلهم فجعل عبده الصالح المحبوب في الحكم على صورته فأحبه بحب الله جميع من في السموات ومن في الأرض على هذا التفصيل وكثير من الناس لا كلهم فكفروه كما كفروا بالله وشتموه كما شتموا الله تعالى وكذبوه كما كذبوا الله وقد ورد في الحديث الصحيح الإلهي أن الله يقول كذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك وشتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك الحديث‏

فإذا وجد الإنسان من نفسه هذه الصفة التي ذكرناها عند التلاوة أو استحضار القرآن علم إن القرآن العظيم أتاه من ربه في ذلك الوقت وإذا جلى الله له سبحانه وكشف له عن شرف نفسه بخلقه على صورة ربه وما أعطاه الله من ظهوره بالأسماء الإلهية وما فضله الله به من حيث إنه جعله العين المقصودة ووسع قلبه حتى وسع علما بما تجلى له وكشف له عن منزلته عنده وقبوله لزيادة العلم به دائما وتأهله للترقي في ذلك إلى غير نهاية دنيا وآخرة وما سخر في حقه مما في السموات وما في الأرض جميعا ونظر إلى نظر كل جزء من العالم إليه بعين التعظيم والشغوف عليه ورأى كل العالم في خدمته كما هو في تسبيح ربه لظهوره عندهم في صورة ربه ويظهر هذا كله لهذا الشخص عند التلاوة للقرآن لا غير علم عند ذلك أنه يتلو القرآن المجيد وأنه الذي نزل عليه وأتاه من ربه ولهذا كشف له منزولة شرفه ومجده فاستوى مجيد على مجيد وإذا جلى الله له سبحانه وكشف له عن كرم نفسه بما يؤثر به على نفسه مع وجود الحاجة لما آثر به وسعى في قضاء حوائج الناس من مؤمن وغير مؤمن ونظر جميع العالم بعين الرحمة فرحمه ولم يخص بذلك شخصا من شخص ولا عالما من عالم بل بذل الوسع في إيصال الرحمة إليهم وقبل أعذارهم وتحمل أعباءهم وجهلهم وإذا هم وجازاهم بالإساءة إحسانا وبالذنب عفوا وعن الإساءة تجاوزا وسعى في كل ما فيه راحة لمن سعى له وذلك كله في حال تلاوته علم قطعا أنه يتلو القرآن الكريم فإن هذه صفته وأنه القرآن الذي أتاه من ربه وأن الله يعامله بمثل ما عامل به وأعظم ما يتكرم به العبد ما يتكرم به على الحق بطاعته وامتثال أمره فإن الله يفرح بتوبة عبده فإذا تكرم على الله بمثل هذا فقد أغاظ عدو الله وهذا أعظم الكرم فإن الأخلاق المحمودة لا تحصل للعبد إلا بهذا الطريق الذي‏


مخطوطة قونية
6676
6677
6678
6679
6680
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 130 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!