موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الرؤية والقوّة عليها والتدانى والترقى والتلقى والتدلى وهو من الحضرة المحمدية والآدمية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 118 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

فهذا سعد وإن شقي به آخرون فلا جناح عليه ولا حرج لأنه سكران وهم المسئولون ومثل هذا أيضا يلحق بأهل السعادة وإن ضل به عالم فما إضلالهم بمقصود له فهؤلاء أصناف ثلاثة ادعوا الألوهة لأنفسهم فشقي بها واحد من الثلاثة وسعد اثنان وأما الطائفة الأخرى فادعيت فيها الألوهة ولم تدعها لنفسها كالأحجار والنبات والحيوان وبعض الأناسي والأملاك والكواكب والأنوار والجن وجميع من عبد واتخذ إلها من غير دعوى منه فهؤلاء كلهم سعداء والذين اتخذوهم إذا ماتوا على ذلك أشقياء ومن هؤلاء تقع البراءة يوم القيامة من الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ما لم يتوبوا قبل الموت ممن يقبل صفة التوبة وليس إلا الجن وهذا النوع الإنساني ومهما علم بذلك المتخذ ولم ينصح ولا وقعت منه البراءة هنا مع كونه لم يدع ذلك ولكنه سكت فإذا عذب الله غدا المشركين الذين ذكرهم الله أنه لا يغفر لهم فإنما يعذبهم من حيث إنهم ظلموا أنفسهم ووقعوا في خلق بكلام ودعوى ساءتهم وتوجهت منهم عليهم حقوق في أغراضهم يطلبونهم بها فمؤاخذة المشركين لحق الغير لا من جهة نفسه تعالى وظلم أنفسهم أعظم من ظلم الغير عند الله بدليل ما جاء في الذي يقتل نفسه من تحريم الجنة عليه فعظم الوعيد في حقه فإذا كان يوم القيامة وأدخل المشركون دار الشقاء وهي جهنم أدخل معهم جميع من عبدوه إلا من هو من أهل الجنة وعمارها فإنهم لا يدخلون معهم لكن تدخل معهم المثل التي كانوا يصورونها في الدنيا فيعبدونها لكونها على صورة من اعتقدوا فيه أنه إله فهم يدخلون النار للعقاب والانتقام والمعبودون يدخلونها لا للانتقام فإنهم ما ادعوا ذلك ولا المثل وإنما أدخلوها نكاية في حق العابدين لها فيعذبهم الله بشهودهم إياهم حتى يعلموا أنهم لا يغنون عنهم من الله شيئا لكونهم ليسوا بآلهة كما ادعوه فيهم قال تعالى إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ من دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ وقد قرئ حطب جهنم وقال وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ وقال لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وقال فيمن عبد من أهل السعادة كمحمد وعيسى عليه السلام والخلفاء من بعده ومن ذكرناه من مدع عن صحو وعن سكران الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى‏ أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وهُمْ في ما اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ فمن كان مشتهاه ربه فهذه صفته وإنما قال لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وهُمْ في ما اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لما يؤثر ذلك السماع في صاحبه من الخوف لأنه ليس هو في تلك الحال بصاحب غضب فيلتذ بالانتقام فإن الغضب لله إنما يقع في دار التكليف وهنالك لا نصيب للغضب في السعداء فإنه موطن شفاعة وشفقة ورحمة من السعداء فلا يغضب في ذلك الموطن إلا الله والسعداء مشغولون بالله في تسكين ذلك الغضب الإلهي بما تعطيه أنواع التسكين كما

يقول محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في بعض المواطن سحقا سحقا

طلبا للتسكين والموافقة ثم بعد ذلك يشفع في تلك الطائفة عينها لتنوع ما يظهر الحق به في ذلك الموطن فمن سمع حسيسها من السعداء الأكابر أثر ذلك السماع فيهم خوفا على أممهم لا على نفوسهم فإذا بلغت بهم العقوبة حدها وانقضت فيهم بالعدل مدتها جسدت أهواؤهم التي بها عبدوا غير الله على صور ما اعتقدوه إلها حين عبدوه وعلى صور بواطنهم فوقع العذاب بصور مجسدة ليبقى حكم الأسماء دائما ويبقى سكان الدار من الناس حيث هم أهلها في نعيم بها ينظرون إلى صور أهوائهم معذبة فينعمون بها فإنها دار تتجسد فيها المعاني صورا قائمة يشهدها البصر كالموت في صورة كبش أملح فيذبحه يحيى عليه السلام بين الجنة والنار لأن الحياة ضد الموت فلا يزول الموت إلا بوجود الحياة وبهذه الصور المخلوقة يكون مل‏ء النار والجنة فإنه أخبر الجنة والنار أنه سبحانه يملأ كل واحدة فقال لهما إن لكل واحدة منكما ملأها فإذا نزلوا فيها وبقي منها أماكن لم يبلغها عمارة أهلها أنشأ إرادات أهل الدارين صورا قائمة ملأهما بها وهذه الصور من الفرقتين المعبر عنهما بالقدمين ففي أهل السعادة أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي سابق عناية بأن يخلق إرادتهم طاعة الله وعبادته صورا متجسدة وأعمالهم وقد ورد أن أعمال العباد ترد عليهم في قبورهم في صور حسنة تؤنسهم وفي صور قبيحة توحشهم فتلك الصور تدخل معهم في دار السعادة والشقاء وبها يكون ملؤهما وأما دار الشقاء إذا طلبت ملأها من الله وضع فيها الجبار قدمه فلهم قدم أيضا كما كان لأهل السعادة أي سابق عناية يظهر العذاب في ذلك القدم وهو أهواؤهم فدار السعداء التي هي الجنة نعيم كلها ليس فيها شي‏ء يغاير النعيم ودار الأشقياء ممتزجة بين منعم ومعذب فإن فيها ملائكة العذاب لهم نعيم في تعذيب من سلطهم الله عليه فلا نعيم لهم إلا بالانتقام‏


مخطوطة قونية
6624
6625
6626
6627
6628
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 118 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!